وقد تكلّم ابن عبد البر على حديث : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (الإخلاص : ١) تعدل ثلث القرآن» (١) ، وحكى خلاف الناس فيه ؛ فقيل : لأنه سمع شخصا يكرّرها تكرار من يقرأ ثلث القرآن] فخرج الجواب على هذا. وفيه بعد عن ظاهر الحديث. قيل : لأن القرآن يشتمل على قصص وشرائع وصفات ، وقل هو الله أحد كلّها صفات ، فكانت ثلثا بهذا الاعتبار. واعترض على ذلك باستلزام كون آية الكرسي وآخر الحشر ثلث القرآن ولم يرد فيه. وقيل تعدل في الثواب ، وهو الذي يشهد [له] (٢) ظاهر الحديث.
قلت : ضعّف ابن عقيل (٣) هذا وقال : لا يجوز أن يكون المعنى فله أجر ثلث القرآن ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ القرآن فله بكلّ حرف عشر حسنات» (٤).
ثم قال ابن عبد البر : «على أني أقول : السكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام فيها وأسلم» ، ثم أسند إلى إسحاق بن منصور (٥) ، قلت لأحمد بن حنبل : قوله صلىاللهعليهوسلم : «(قُلْ هُوَ اللهُ
__________________
لابن مردويه والبيهقي ، وحديث ابن عباس أخرجه الترمذي في السنن ٥ / ١٦٦ كتاب فضائل القرآن (٤٦) ، باب ما جاء في إذا زلزلت (١٠) الحديث (٢٨٩٤) ، وأخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن ص ١٢٦ باب فضل سور شتى ، الحديث (٢٩٨) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ١ / ٥٦٦ كتاب فضائل القرآن باب إذا زلزلت تعدل نصف القرآن ... ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٣٧٩ وعزاه لمحمد بن نصر ، وللبيهقي.
(١) الحديث من رواية أبي الدرداء رضياللهعنه ، أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٥٥٦ كتاب صلاة المسافرين (٦) ، باب فضل قراءة (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ٤٥ ، الحديث (٢٥٩ / ٨١١).
(٢) عبارة المطبوعة (يشهد لظاهر الحديث) وما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(٣) هو عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي ، سمع ابن عمر ، وجابرا ، والطفيل بن أبي ، وسمع منه الثوري ، وشريك وزهير بن محمد ، وابن عيينة ، وبشر بن المفضل ، وابن عجلان. (البخاري ، التاريخ الكبير ٥ / ١٨٤).
(٤) الحديث يروى عن أنس وعن ابن مسعود ، أخرجه الديلمي من رواية أنس ـ واللفظ له ـ (ذكره السيوطي في جمع الجوامع ١ / ٨١٨) ، ولم نجده في المطبوعة من فردوس الأخبار (طبعة دار الكتاب العربي ببيروت) وأخرجه من رواية ابن مسعود رضياللهعنه : الدارمي في السنن ٢ / ٤٢٩ كتاب فضائل القرآن ، باب فضل من قرأ القرآن ، والترمذي في السنن ٥ / ١٧٥ كتاب فضائل القرآن (٤٦) ، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا ... (١٦) ، الحديث (٢٩١٠) ، والديلمي في الفردوس ٤ / ٢٩ الحديث (٥٥٨٢) ولفظه : «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها» ، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ١٠ / ٤٦٤ كتاب فضائل القرآن ، باب ثواب من قرأ حروف القرآن (١٧٥٦) ، الحديث (٩٩٨٤) بلفظ مقارب.
(٥) هو إسحاق بن منصور بن بهرام ، أبو يعقوب التميمي ، روى عن ابن عيينة ، وأبي داود الطيالسي وخلق كثير. وتتلمذ لأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين ، وروى عنه الجماعة سوى أبي داود ، قال مسلم : «ثقة مأمون أحد الأئمة من أصحاب الحديث» توفي سنة ٢٥١ (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ١ / ٢٥٠)