وكأنما في الردف منه مباسم |
|
تبغي هناك لرجله تقبيلا |
ويعني بعمر المتوكل المذكور لأنّ اسمه عمر.
وقال أحمد بن عبد الرحمن بن الصقر الخزرجي قاضي إشبيلية : [الكامل]
لله إخوان تناءت دارهم |
|
حفظوا الوداد على النوى أو خانوا |
يهدي لنا طيب الثناء ودادهم |
|
كالندّ يهدي الطيب وهو دخان (١) |
وحكي أن أيوب بن سليمان السهيلي المرواني حضر يوما عند ابن باجة (٢) ، والشاعر وأبو الحسن بن جودي هناك ، فتكلّم المرواني بكلام ظهر فيه نبل وأدب ، فتشوّف أبو الحسن بن جودي لمعرفته ، وكان إذ ذاك فتيّ السّنّ ، فقال له : من أنت أكرمك الله تعالى؟ فقال : هلا سألت غيري عني فيكون ذلك أحسن لك أدبا ولي توقيرا ، فقال ابن جودي : قد سألت من المعرف عنك فلم يعرفك ، فقال : يا هذا ، طالما مرّ علينا زمان (٣) يعرفنا من يجهل ، ولا يحتاج من يرانا فيه إلى أن يسأل ، وأطرق ساعة ، ثم رفع رأسه وأنشد : [الطويل]
أنا ابن الألى قد عوّض الدهر عزّهم |
|
بذلّ وقلوا واستحبّوا التنكّرا |
ملوك على مرّ الزمان بمشرق |
|
وغرب دهاهم دهرهم وتغيّرا |
فلا تذكرنهم بالسؤال مصابهم |
|
فإنّ حياة الرّزء أن يتذكّرا (٤) |
ففطن ابن جودي أنه من بني مروان ، فقام وقبّل رأسه ، واعتذر إليه ، ثم انصرف المرواني ، فقال ابن باجة لابن جودي : أساء أدبك (٥) بعدما عهدت منك؟ كيف تعمد إلى رجل في مجلسي تجدني (٦) قد قربته وأكرمته وخصصته بالإصغاء إلى كلامه فتقدّم عليه بالسؤال عن نفسه؟ فاحذر أن تكون لك عادة ، فإنها من أسوأ الأدب ، فقال ابن جودي : لم نزل (٧) من الشيخ على ما قاله أبو تمام : [المنسرح]
نأخذ من ماله ومن أدبه
__________________
(١) الندّ : نوع من البخور.
(٢) في ب ، ه «عن ابن باجة ، والشاعر أبو الحسن بن جودي هناك».
(٣) في ب ، ه : «لطالما مرّ علينا زمان».
(٤) الرّزء : المصيبة.
(٥) في ه : «ساءني أدبك».
(٦) في ب ، ه : «تراني قد قربته».
(٧) في ب ، ه : «لم أزل».