وأكرمهم ، ودعاهم إلى طعام صنعه لهم ، وكان لا يظهر شرب الراح منذ ولي الملك ، فلمّا رأوا انقباضه عن ذلك تحاموا الشراب ، فلمّا أمر بكتب أجوبتهم كتب له (١) أبو عامر : [الخفيف]
بقيت حاجة لعبد رغيب |
|
لم يدع غيرها له من نصيب |
هي خيرية المساء حديثا |
|
وأنا في الصباح أخشى رقيبي (٢) |
فإذا أمس كان عندي نهارا |
|
لم تحفني عليه بعد الغروب |
وإذا الليل جنّ حدّثت جلّا |
|
سي بما كان من حديث غريب (٣) |
قيل إنّ الدّجى لديك نهار |
|
وكذاك الدّجى نهار الأريب |
فتمنّيت ليلة ليس فيها |
|
لذكا ذلك السّنا من مغيب |
حيث أعطيك في الخلاء وتعطي |
|
ني مداما كمثل ريق الحبيب |
تم أغدو كأنني كنت في النو |
|
م ، وأخفي المنام خوف هزيب |
والهزيب : الرقيب العتيد في كلام أهل الأندلس ، فسرّ المعتمد وانبسط بانبساطه ، وضحك من مجونه ، وكتب إليه : [الخفيف]
يا مجابا دعا إلى مستجيب |
|
فسمعنا دعاءه من قريب |
إن فعلت الذي دعوت إليه |
|
كنت فيما رغبت عين رغيب |
واستحضره فنادمه خاليا ، وكساه ووصله ، وانقلب مسرورا ، وظنّ المعتمد أنّ ذلك يخفى من فعله عن ابن شنتفير ، فأعلم (٤) بالأمر القائد ابن مرتين ، فكاد يتفطّر حسدا وكتب إلى المعتمد : [الخفيف]
أنا عبد أوليته كلّ برّ |
|
لم تدع من فنون برّك فنّا |
غير رفع الحجاب في شربك الرا |
|
ح فماذا جناه أن يتجنّى |
وتمنّى شراب سؤرك في الكأ |
|
س فبالله أعطه ما تمنّى (٥) |
فسرته أبياته ، وأجابه : [الخفيف]
__________________
(١) في ب ، ه : «كتب إليه أبو عامر».
(٢) في أ : «أنا خيرته المساء حديثا» وفي ب : «أنا خيرية المساء حديثا».
(٣) في ب ، ه : «من حديث عجيب».
(٤) في ج : «فأعلمه بالأمر».
(٥) السؤر : بقية الشيء.