صغار الناس أكثرهم فسادا |
|
وليس لهم لصالحة نهوض |
ألم تر في سباع الطير سرّا |
|
تسالمنا ، ويأكلنا البعوض |
وقد بلغ غاية الإحسان في قوله : [الوافر]
فما للملك ليس يرى مكاني |
|
وقد كحلت لواحظه بنوري |
كذا المسواك مطّرحا مهانا |
|
وقد أبقى جلاء في الثغور |
ومن حسناته قوله (١) : [السريع]
لي صاحب لا كان من صاحب |
|
فإنه في كبدي جرحه |
يحكي إذا أبصر لي زلّة |
|
ذبابة تضرب في قرحه |
ولقيه أبو حاتم الحجاري على فرس في غاية الضعف والرذالة قد أهلكها الوجى (٢) ، وكانا في جماعتين ، فقال له : يا أبا تمام ، أنشدني قولك : [الطويل]
وتحتي ريح تسبق الريح إن جرت |
|
وما خلت أنّ الريح ذات قوائم |
لها في المدى سبق إلى كلّ غاية |
|
كأنّ لها سبقا يفوق عزائمي |
وهمّة نفسي نزّهتها عن الوجى |
|
فيا عجبا حتى العلا في البهائم |
فلمّا أنشده إيّاها ردّ رأسه أبو حاتم إلى الجماعتين وقال : ناشدتكم الله أيجوز لحجّام على فرس مثل هذه الرمكة (٣) الهزيلة العرجاء ، أن يقول مثل هذا؟ فضحك جميع من حضر ، وأقبل أبو تمام من غيظه (٤) يسبّه.
ومن شعر الحجام المذكور قوله : [البسيط]
لا يفخر السيف والأقلام في يده |
|
قد صار قطع سيوف الهند للقصب |
فإن يكن أصلها لم يقو قوّتها |
|
(فإنّ في الخمر معنى ليس في العنب) |
وقال : [الكامل]
ثقلت على الأعداء إلّا أنها |
|
خفّت على السّبّاب والإبهام |
__________________
(١) انظر الذخيرة ص ٢٦٤.
(٢) الوجى ـ بفتح الواو والجيم : الحفا أو أشده ، حتى ليشق على الذي ما أصيب به المشي إنسانا كان أو دابة.
(٣) الرمكة : الفرس التي تتخذ للنسل.
(٤) في ب ، ه : «في غيظه».