انضمّ إليه من ملوك الطوائف ما علم ، وشخص أبو العلاء معهم ، فلقيه المعتمد بن عباد ، واستماله واستهواه ، وكاد يغلب على هواه ، وصرف (١) عليه أملاكه فحنّ إلى وطنه ، حنين النّيب إلى عطنه (٢) ، والكريم إلى سكنه ، ونزع إلى مقرّ سلفه ، نزوع الكوكب إلى بيت شرفه ، إلّا أنه لم يستقرّ بإشبيلية إلّا بعد خلع المعتمد ، وحلّ عند يوسف بن تاشفين محلّا لم يحلّه الماء من العطشان ، ولا الروح من جسد الجبان ، ولما كتب إليه حسام الدولة بن رزين مالك السهلة بقوله :[الكامل]
عاد اللئيم فأنت من أعدائه |
|
ودع الحسود بغلّه وبذائه (٣) |
لا كان إلّا من غدت أعداؤه |
|
مشغولة أفواههم بجفائه |
أأبا العلاء لئن حسدت لطالما |
|
حسد الكريم بجوده ووفائه |
فخر العلاء فكنت من آبائه |
|
وزها السناء فكنت من أبنائه |
كن كيف شئت مشاهدا أو غائبا |
|
لا كان قلب لست في سودائه (٤) |
أجابه بقوله : [الكامل]
يا صارما حسم العدا بمضائه |
|
وتعبّد الأحرار حسن وفائه (٥) |
ما أثّر العضب الحسام بذاته |
|
إلّا بأن سمّيت من أسمائه |
وكلّفه الحسام المذكور القول في غلام قائم على رأسه ، وقد عذّر ، فقال : [الخفيف]
محيت آية النهار فأضحى |
|
بدر تمّ وكان شمس نهار |
كان يعشي العيون نارا إلى أن |
|
أشغل الله خدّه بالعذار |
وقال : [المتقارب]
عذار ألمّ فأبدى لنا |
|
بدائع كنّا لها في عمى |
ولو لم يجنّ النهار الظلا |
|
م لم يستبن كوكب في السّما |
وقال : [البسيط]
__________________
(١) في ج : «وتصرف».
(٢) النيب : جمع ناب ، وهي الناقة المسنّة. والعطن : مبرك الإبل.
(٣) البذاء : فحش اللسان.
(٤) سوداء القلب : مهجته ، حبّته.
(٥) تعبد الأحرار : جعلهم عبيدا.