المصنّف» ، فاتّفق أن دخلت عليه أمّه في تلك الحال ، فارتاعت ، فقال : [الكامل]
ريعت عجوزي أن رأتني لابسا |
|
حلق الحديد ومثل ذاك يروع (١) |
قالت جننت؟ فقلت : بل هي همّة |
|
هي عنصر العلياء والينبوع |
سنّ الفرزدق سنّة فتبعتها |
|
إني لما سنّ الكرام تبوع |
وكان شاعرا وشّاحا وطاح دمه على يد الزبير أمير قرطبة لمّا هجاه بمثل قوله : [الكامل]
عكف الزبير على الضلالة جاهدا |
|
ووزيره المشهور كلب النار |
ما زال يأخذ سجدة في سجدة |
|
بين الكؤوس ونغمة الأوتار |
فإذا اعتراه السّهو سبّح خلفه |
|
صوت القيان ورنّة المزمار |
ولمّا بلغ الزبير عنه ذلك وغيره أمر بإحضاره ، فقرعه ، وقال : ما دعاك إلى هذا؟ فقال : إني لم أر أحقّ بالهجو منك ، ولو علمت ما أنت عليه من المخازي لهجوت نفسك إنصافا ، ولم تكلها إلى أحد ، فلما سمع الزبير ذلك قامت قيامته ، وأمر بقتله.
وأنشد له ابن غالب في «فرحة الأنفس» قوله في حلقة حائط : [البسيط]
وحلقة كشعاع الشمس صافية |
|
لو قابلت كوكبا في الجوّ لالتهبا |
تأنّق القين في إحكام صنعتها |
|
حتى أفاض على أطرافها الذهبا (٢) |
كأنها بيضة قد قدّ قونسها |
|
وكلّ جنب لها بالطعن قد ثقبا (٣) |
وقال فيمن يحدّث نفسه بالخلافة : [الوافر]
أمير المؤمنين ، نداء شيخ |
|
أفادك من أماليه اللطيفه |
تحفّظ أن يكون الجذع يوما |
|
سريرا من أسرّتك المنيفه |
وأذكر منك مصلوبا فأبكي |
|
وتضحكني أمانيك السخيفه |
وهاجى ابن سارة ، فقال فيه ابن سارة (٤) : [الكامل]
ومن العجائب أن يكون الأبيض |
|
بحماره بين السوابق يركض |
__________________
(١) ريعت : خافت وفزعت.
(٢) القين : الحدّاد.
(٣) البيضة : الخوذة. والقونس : أعلى الخوذة.
(٤) انظر زاد المسافر ص ٦٧.