قائمة الکتاب
ترجمة الوزير أبي أيوب بن أبي أمية
٣٢٣
إعدادات
نفح الطّيب [ ج ٤ ]
نفح الطّيب [ ج ٤ ]
المؤلف :الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني
الموضوع :التاريخ والجغرافيا
الناشر :دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :430
تحمیل
مجتمعا ، وإذا فاه أضحى كلّ شيء مستمعا ، تكتحل منه مقل المجد ، وتنتحل المعالي أفعاله انتحال ذي كلف بها ووجد ، لو تفرّقت في الخلق سجاياه لحمدت الشّيم ، ولو استسقيت بمحيّاه لما استمسكت الديم ، ودعي للقضاء فما رضي ، وأعفي عنه فكأنه ما استقضي ، لديه تثبت الحقائق ، وتنبت العلائق ، وبين يديه يسلك عين الجدد (١) ، ويدع اللّدد اللّدد (٢) ، وله أدب إذا حاضر به فلا البحر إذا عصف ، ولا أبو عثمان (٣) إذا وصف ، مع حلاوة مؤانسة تستهوي الجليس ، وتهوي حيث شاءت بالنفوس ، وأمّا تحبيره وإنشاؤه ، ففيهما للسامع تحييره وانتشاؤه ، وقد أثبتّ له بدعا ، يثني إليها الإحسان جيدا وأخدعا ، فمن ذلك قوله في منزل حلّه متنزها : [البسيط]
يا منزل الحسن أهواه وآلفه |
|
حقا لقد جمعت في صحنك البدع |
لله ما اصطنعت نعماك عندي في |
|
يوم نعمت به والشمل مجتمع |
وحلّ منية صهره الوزير أبي مروان بن الدب بعدوة إشبيلية المطلّة على النهر ، المشتملة على بدائع الزهر ، وهو معرّس ببنته ، فأقام بها أياما متأنّسا ، ولجذوة السرور مقتبسا ، فوالى عليه من التّحف ، وأهدى إليه من الطّرف ، ما غمر كثرة ، وبهر نفاسة وأثرة ، فلمّا ارتحل وقد اكتحل من حسن ذلك الموضع بما اكتحل ، كتب إليه : [البسيط]
قل للوزير وأين الشكر من منن |
|
جاءت على سنن تترى وتتّصل (٤) |
غشيت مغناك والروض الأنيق به |
|
يندى وصوب الحيا يهمي وينهمل |
وجال طرفي في أرجائه مرحا |
|
وفق اجتيازي يستعلي ويستفل |
ندعو بلفتته حيث ارتمى زهر |
|
عليه من منثني أفنانه كلل (٥) |
محلّ أنس نعمنا فيه آونة |
|
من الزمان وواتانا به الأمل |
وحلّ بعد ذلك متنزها بها على عادته ، فاحتفل في موالاة ذلك البرّ وإعادته ، فلمّا رحل كتب إليه : [مجزوء الكامل]
__________________
(١) في ه : «يسلك من الحق الجدد» والجدد ، الأرض المستوية.
(٢) في ه : «ويدع الألد اللدد» واللدد : الخصومة.
(٣) أبو عثمان : أراد به الجاحظ عمرو بن بحر أمير النثر في العربية.
(٤) تترى : من الفعل : وتر : أي قتل حميمه ، أدركه بمكروه.
(٥) الكلل : الستائر.