كبّرت حول ديارهم لمّا بدت |
|
منها الشموس وليس فيها المشرق |
فاعتذرت للخراساني ، وقلت له : قد والله كبرت في عيني بقدر ما صغرت نفسي عندي ، حين لم أفهم نبل مقصدك ، فالحمد لله الذي أطلع من المغرب هذه الشموس ، وجعلها بين جميع أهله بمنزلة الرءوس ، وصلّى الله على سيدنا محمد نبيّه المختار من صفوة العرب ، وعلى آله وصحبه ، صلاة متّصلة إلى غابر الحقب (١).
كملت رسالة الشّقندي. وهو أبو الوليد إسماعيل بن محمد ، وشقندة المنسوب إليها : قرية مطلّة على نهر قرطبة مجاورة لها من جهة الجنوب.
قال ابن سعيد (٢) : وهو ممّن كان بينه وبين والدي صحبة أكيدة ، ومجالسات أنس عديدة ، ومزاورات تتّصل ، ومحاورات لا تكاد تنفصل ، وانتفعت بمجالسته ، وله رسالة في تفضيل الأندلس يعارض بها أبا يحيى في تفضيل برّ العدوة ، أورد فيها من المحاسن ما يشهد له بلطافة المنزع ، وعذوبة المشرع ، وكان جامعا لفنون من العلوم الحديثة والقديمة ، وعني بمجلس المنصور ، فكانت له فيه مشاهد غير ذميمة. وولي قضاء بياسة (٣) وقضاء لورقة ، ولم يزل محفوظ الجانب (٤) ، محمود المذاهب ، سمعته ينشد والدي قصيدة في المنصور وقد نهض للقاء العدوّ ، منها : [البسيط]
إذا نهضت فإنّ السيف منتهض |
|
ترمي السعود سهاما والعدا غرض (٥) |
لك البسيطة تطويها وتنشرها |
|
فليس في كلّ ما تنويه معترض |
قال : وسمعته يقول له : أنشدت الوزير أبا سعيد بن جامع قصيدة أوّلها : [البسيط]
استوقف الركب قد لاحت لك الدار |
|
واسأل بربع تناءت عنه أقمار |
لا خفّف الله عني بعد بينهم |
|
فإنني سرت والأحباب ما ساروا |
ومنها :
__________________
(١) في ه : «على غابر الحقب».
(٢) انظر اختصار القدح المعلى ص ١٣٨.
(٣) بياسة : بالأندلس ، بينها وبين جيان عشرون ميلا ، وبياسة على كدية من تراب ، مطلة على النهر الكبير المنحدر إلى قرطبة ، وهي مدينة ذات أسوار ومتاجر ، وحولها زراعات (انظر صفة جزيرة الأندلس ص ٥٧).
(٤) في القدح : «ملحوظ الجانب».
(٥) في القدح : «إذا نهضت فإن السعد منتصر ..».