يروح لتعذيب النفوس ويغتدي |
|
ويطلع في أفق الجمال ويغرب |
فقال أبو محمد بن مالك : [الطويل]
ويحسد منه الغصن أيّ مهفهف |
|
يجيء على مثل الكثيب ويذهب |
وقد سبق هذا.
وكتب إلى الفتح من غير تروّ : يا سيدي ، جرت الأيام بفراقك ، وكان الله جارك في انطلاقك ، فغيرك من روّع بالظّعن (١) ، وأوقد للوداع جاحم الشّجن ، فإنك من أبناء هذا الزمن ، خليفة الخضر لا يستقرّ على وطن ، كأنك ـ والله يختار لك ما تأتيه وما تدعه ـ موكل بفضاء الأرض تذرعه (٢) ، فحسب من نوى بعشرتك الاستمتاع ، أن يعدّك من العواري السريعة الارتجاع ، فلا يأسف على قلّة الثوا (٣) وينشد : [الطويل]
وفارقت حتى ما أبالي من النّوى (٤)
ومات رحمه الله تعالى بغرناطة سنة ٥١٨ ، وحضر جنازته الخاصّة والعامّة ، وهو من محاسن الأندلس ، رحمه الله تعالى!.
ومن نوادر الاتفاق أن جارية مشت بين يدي المعتمد ، وعليها قميص لا تكاد تفرق بينه وبين جسمها ، وذوائبها تخفي آثار مشيها ، فسكب عليها ماء ورد كان بين يديه ، وقال : [الكامل]
علّقت جائلة الوشاح غريرة |
|
تختال بين أسنّة وبواتر (٥) |
وقال لبعض الخدم : سر إلى أبي الوليد البطليوسي المشهور بالنحلي ، وخذه بإجازة هذا البيت ، ولا تفارقه حتى يفرغ منه ، فأجاب النحلي لأول وقوع الرقعة بين يديه : [الكامل]
راقت محاسنها ورقّ أديمها |
|
فتكاد تبصر باطنا من ظاهر (٦) |
وتمايلت كالغصن في دعص النّقا |
|
تلتفّ في ورق الشباب الناضر (٧) |
__________________
(١) في ب : «فغيرك روع بالظعن».
(٢) هذا عجز بيت لابن زريق البغدادي ، وصدره : كأنما هو في حلّ ومرتحل.
(٣) الثوا : الثواء أي الإقامة ، حذف الهمزة وهذا جائز في كلامهم.
(٤) في ج : «وفارقت حتى لا أبالي من الهوى».
(٥) كذا في أ، ب ، ج. وفي ه : «علقت جائلة الوشاح عزيزة». والغريرة : الفتاة الناعمة التي ليس لها تجربة.
(٦) أديمها : جلدها.
(٧) الدعص : تل الرمل المجتمع المستدير. والنقا : القطعة من الرمل المحدودب.