المجلس باب مخلوع معترض على الأرض ، ولبد أحمر مبسوط قد صففت (١) خفافهم عند حاشيته ، فقال مسرعا : [مخلع البسيط]
وفتية كالنجوم حسنا |
|
كلّهم شاعر نبيل |
متّقد الجانبين ماض |
|
كأنه الصارم الصّقيل |
راموا انصرافي عن المعالي |
|
والحدّ من دونها فليل (٢) |
فالشدّ في أمرها فسيح |
|
كلّ كثير له قليل |
في مجلس زانه التصابي |
|
وطاردت وصفه العقول |
كأنما بابه أسير |
|
قد عرضت دونه نصول |
يراد منه المقال قسرا |
|
وهو على ذاك لا يقول |
ننظر من لبده لدينا |
|
بحر دم تحتنا يسيل |
كأنّ أخفافنا عليه |
|
مراكب ما لها دليل |
ضلّت فلم تدر أين تجري |
|
فهل على شطّه تقيل |
فعجب القوم من أمره ، ثم خرج من عندهم ، فمرّ على بعض معارفه من الطرائفيين وبين يديه زنبيل ملآن خرشفا (٣) ، فجعل يده في لجام بغلته ، وقال : لا أتركك أو تصف الخرشف فقد وصفه صاعد فلم يقل شيئا ، فقال له ابن شهيد : ويحك! أعلى مثل هذه الحال؟ قال : نعم ، فارتجل : [الرجز].
هل أبصرت عيناك يا خليلي |
|
قنافذا تباع في زنبيل |
من حرشف معتمد جليل |
|
ذي إبر تنفذ جلد الفيل |
كأنها أنياب بنت الغول |
|
لو نخست في است امرئ ثقيل (٤) |
لقفّزته نحو أرض النّيل |
|
ليس يرى طيّ حشا منديل (٥) |
نقل السخيف المائن الجهول |
|
وأكل قوم نازحي العقول (٦) |
أقسمت لا أطعمها أكيلي |
|
ولا طعمتها على شمول |
__________________
(١) في ه : «قد رصت خفافهم» وفي بدائع البداءة «قد صففت بغالهم».
(٢) في ب ، ه : «والغرب من دونها كليل».
(٣) في ب ، ه : «حرشفا».
(٤) في ه : «كأنها أنياب بنت الغول».
(٥) في نسخة عند ج : «لقذفته نحو أرض النيل».
(٦) المائن : الكاذب.