قال : دخل الأعز أبو الفتوح بن قلاقس على بلال بن مدافع بن بلال الفزاري ، فعرض عليه سيفا قد نظم الفرند في صفحته جوهره ، وأذكى الدهر ناره وجمّد نهره ، وألبسه من سلخ الأفاعي رداء وجسّمه ردى (١) ، لا يمنع من برقه بدر مجنّ ولا ثريّا مغفر ، ولا يسلم من حدّه من ثبت ولا ينجو لطوله من فرّ ، فهو يبكي للنفاق ويضحك ، ويرعد للغيظ ويفتك ، وأمره بصفة شأنه ، فقال على لسانه : [الوافر]
أروق كما أروع فإن تصفني |
|
فإني رائق الصفحات رائع (٢) |
تدافع بي خطوب الدهر حتى |
|
نقلت إلى بلال عن مدافع |
وقال أيضا فيه : [الخفيف]
ربّ يوم له من النّقع سحب |
|
مالها غير سائل الدم ودق (٣) |
قد جلته يمنى بلال بحدّي |
|
فكأنّي في راحة الشمس برق |
وقال أيضا فيه : [الكامل]
أنا في الكريهة كالشّهاب الساطع |
|
من صفحة تبدو وحدّ قاطع |
فكأنما استمليت تلك وهذه |
|
من وصف كفّ بلال بن مدافع (٤) |
وقال أيضا فيه : [الكامل]
انظر لمطّرد المياه بصفحتي |
|
ولنار حدّي كم بها من صالي |
قد عاد شدّي في المضايق شيمتي |
|
كبلال بن مدافع بن بلال (٥) |
وسأله صاحب له وصف مشط عاج قد أشبه الثريّا شكلا ولونا ، وشقّ ليلا من الشّعر جونا ، فقال : [الكامل]
ومتيّم بالآبنوس وجسمه |
|
عاج ومن أدهانه شرفاته (٦) |
كتمت دياجي الشّعر منه بدرها |
|
فوشت به للعين عيّوقاته (٧) |
__________________
(١) في ب : «وجسمه ردّى أو داء».
(٢) في ه : «أروق كما أروع وإن تصفني».
(٣) في ه : «ماله غير فائر الدم ودق». وقد أثبتنا ما في أ، ب.
(٤) في ب : «من وصف كف بلال بن مدافع».
(٥) في ب : «كبلال بن مدافع بن بلال».
(٦) الآبنوس : شجر خشبه أسود صلب.
(٧) العيّوق : نجم أحمر مضيء في طرف المجرة الأيمن يتلو الثريا ولا يتقدمها.