التحريم من ضروريات الدين والحكم به لا مجال لإنكاره ولا فساد فيه. وربما أجيب عما ذكرنا بان حرمتها وان كان بصريح القرآن إلا ان التشديد الذي ورد عنهم (عليهمالسلام) ليس في القرآن ولا من ضروريات الدين فكان ينبغي ان يتقوا فيه فترك التقية في ذلك والتقية في النجاسة بعيد جدا. وفيه انه متى كان صريح القرآن التحريم فالتشديد لازم له إذ من المعلوم عند كل عالم عاقل ان مخالف صريح القرآن راد لضروري الدين وكل من كان كذلك فهو في زمرة المرتدين فافترق الأمران ، وبالجملة فالتحريم لما كان صريح الكتاب العزيز الموجب لكونه من ضروريات الدين فهو معلوم لكافة المسلمين فلا تدخله التقية سواء أخبروا بمجرد التحريم أو شددوا لقوله (عليهالسلام) في صحيحة زرارة (١) : «ثلاثة لا اتقي فيهن أحدا : شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج». بل لو أفتوا فيه بالتقية لربما نسبوهم الى الجهل ومخالفة الكتاب العزيز ، واما الحكم بالنجاسة فلما لم يكن بتلك المثابة حيث لم يدل عليه دليل من القرآن وانما استفيد من السنة فالتقية جائزة فيه وغير مستنكرة. وبما حققناه في المقام ورفعنا عنه نقاب الإبهام ظهر لك ان الحق في المسألة هو القول المشهور وان ما عداه ظاهر القصور. والله العالم.
تنبيهات
(الأول) ـ المفهوم من كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) ان حكم جميع الأنبذة المسكرة حكم الخمر في التنجيس ، قال في المعالم : ولا نعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب. والظاهر ان مراده من قال من الأصحاب بنجاسة الخمر وإلا فقد عرفت مذهب الصدوق وابن ابى عقيل والجعفي في قولهم بالطهارة.
واستدل في المعتبر على الحكم المذكور فقال : والأنبذة المسكرة عندنا في التنجيس كالخمر لان المسكر خمر فيتناوله حكم الخمر ، اما انه خمر فلان الخمر انما سمي بذلك لكونه
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٢٢ من الأشربة المحرمة.