(فان قيل) ان الخبرين المذكورين لا دلالة فيهما على نجاسة الثوب المعار فلعل عدم الصلاة فيه كما في رواية ابن بكير والاخبار بأنه لا يصلي فيه كما في الصحيحة المذكورة انما هو لأمر آخر كالغصب ونحوه من الموانع.
(قلنا أولا) انه قد تقرر عندهم ان عدم الاستفصال في مقام الاحتمال دليل على العموم في المقال فيكفي دلالة الخبرين على ما ذكرنا بعمومهما. و (ثانيا) ان الأصحاب انما فهموا من الروايتين النجاسة ولهذا نظموا صحيحة العيص المذكورة في روايات من صلى في النجاسة جاهلا ومن ذكر منهم رواية ابن بكير فإنما ذكرها في مقام الصلاة في النجاسة أيضا.
(المسألة الثالثة) ـ قد تفرد المحدث الكاشاني بالقول بان المتنجس إذا أزيلت عنه عين النجاسة بالتمسح ونحوه فإنه لا تتعدى نجاسته الى ما يلاقيه في موضعها ولو مع الرطوبة وبالغ في نصرته وشنع على من خالفه ، قال في المفاتيح : انما يجب غسل ما لاقى عين النجاسة واما ما لاقى الملاقي لها بعد ما أزيل عنه بالتمسح ونحوه بحيث لا يبقى فيه شيء منها فلا يجب غسله كما يستفاد من المعتبرة (١) على انا لا نحتاج الى دليل على ذلك فان عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب إذ لا تكليف إلا بعد البيان ولا حكم إلا بعد البرهان ، إلا ان هذا الحكم مما يكبر في صدور الذين غلب عليهم التقليد من أهل الوسواس الذين يكفرون بنعمة الله تعالى ولا يشكرون سعة رحمة الله سبحانه وفي الحديث (٢) «ان الخوارج ضيقوا على أنفسهم وان الدين أوسع من ذلك». انتهى.
أقول : ان عبارته وكلامه لا يخلو من إجمال واختلال (اما الأول) فإن مقتضى قوله : «انما يجب غسل ما لاقى عين النجاسة» هو ان تعدي النجاسة يدور مدار الملاقاة لعين النجاسة وجودا وعدما دون الملاقاة للمتنجس أعم من ان تكون عين النجاسة
__________________
(١) سيأتي التعرض لها في الصفحة ٢٦٨ وما بعدها.
(٢) وهو صحيح البزنطي المتقدم ص ٢٥٣ ورواية الجعفري ص ٢٥٧ ورواية قرب الاسناد ص ٢٥٨.