ان ما ذهب اليه المصنف من التعدد أحوط وان كان الاكتفاء بالعصر الواحد بعد الغسلتين أقوى. انتهى. وما اختاره أخيرا من قوة الاكتفاء بالعصر الواحد بعد الغسلتين جيد لا لما ذكره بل لما ذكرناه من النص ، وما ذكره ايضا من الاحوطية لا بأس به وان كان للنظر فيه مجال.
فوائد : (الأولى) ـ قال في التذكرة : لو جف الثوب من غير عصر ففي الطهارة إشكال ينشأ من زوال النجاسة بالجفاف والعدم لأنا نظن انفصال أجزاء النجاسة في صحبة الماء بالعصر لا بالجفاف. وقال الشهيد في البيان : لو أخل بالعصر في موضعه فالأقرب عدم الطهارة لأنا نتخيل خروج أجزاء النجاسة به. وفي الذكرى الأولى الشرطية يعني في العصر لظن انفصال النجاسة مع الماء بخلاف الجفاف المجرد. وقال في المعالم بعد نقل ذلك عنهم : وأنت إذا أحطت خبرا بما قلناه في المسألة يتضح لك الحال في هذا الفرع لان العصر ان أخذ قيدا في ماهية الغسل أو توقف عليه خروج النجاسة لم يغن عنه الجفاف وان اعتبر لإخراج الغسالة فلا ريب في كون الجفاف مخرجا لها وما ذكراه من الظن والتخيل ليس بشيء كيف وهذا الظن في أكثر الصور لا يأتي والنخيل في الأحكام الشرعية لا يجدي. انتهى.
أقول : لا يخفى ان الظاهر ان هذا الإشكال الذي ذكره في التذكرة ونحوه ما ذكره في البيان والذكرى انما نشأ من التردد في الدليل على وجوب العصر وتردده بين الوجوه المتقدمة ، وإيراده في المعالم عليهم انما يتم مع اختيار دليل بخصوصه وكلامهم ليس مبنيا عليه فلا وجه لا يراد ما أورده. وكيف كان فقد ظهر لك مما أوضحناه سابقا سقوط هذا البحث من أصله فلا وجه للتفريع عليه لان النص قد دل على وجوب العصر فلا تحصل الطهارة إلا به.
(الثانية) ـ قال في المدارك في شرح قول المصنف : ويعصر الثوب من النجاسات كلها : «إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في اعتبار العصر مرتين بين القليل