واحتج في التذكرة بأن دم ما لا نفس له وميتته طاهر فرجيعه ايضا كذلك.
أقول : اما الاستدلال بأصالة الطهارة فجيد ، واما تعذر التحرز عنه فكذلك فيما لا يمكن التحرز عنه ، واما ما ذكره في التذكرة فهو قياس محض لا يجري في مذهبنا
وقال المحقق في المعتبر : «واما رجيع ما لا نفس له كالذباب والخنافس ففيه تردد أشبهه انه طاهر لان ميتته ودمه ولعابه طاهر فصارت فضلاته كعصارة النبات» وظاهر كلامه يؤذن باحتمال تناول الأدلة على نجاسة فضلة الحيوان غير المأكول له ، ولهذا قال في المدارك بعد ذكر عبارة الشرائع المشتملة على التردد ايضا : «ربما كان منشأ التردد في البول عموم الأمر بغسله من غير المأكول وان ما لا نفس له طاهر الميتة والدم فصارت فضلاته كعصارة النبات».
أقول : والظاهر عندي ضعف هذا التردد فان المتبادر من مأكول اللحم وغير مأكول اللحم في اخبار المسألة بل مطلقا انما هو ذو النفس السائلة فلا يدخل مثل الذباب والخنافس والنمل ونحوها. واما تعليله الطهارة بما ذكره ففيه ما عرفت مما أوردناه على كلام التذكرة. والعجب من جمود صاحب المدارك عليه وتعليله الطهارة بذلك. وبالجملة فأصالة الطهارة أقوى متمسك في المقام حتى يقوم ما يوجب الخروج عنها ، والاستناد الى عموم الأمر بغسله من غير المأكول مدفوع بما عرفت.
(الثاني) ـ قد عرفت ان المشهور في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) هو نجاسة رجيع الطير الغير المأكول اللحم ومنه الخشاف ، والشيخ مع قوله بطهارة رجيع الطير مطلقا في المبسوط استثنى الخشاف من ذلك ، ويأتي على قول من ذهب الى الطهارة مطلقا طهارته. والذي يدل على المشهور رواية داود الرقي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فاطلبه فلا أجده؟ قال اغسل ثوبك». وهذه الرواية هي مستند الشيخ في استثناء الخشاف في المبسوط.
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ١٠ من أبواب النجاسات.