قال في المدارك بعد نقله عن الشيخ انه احتج بهذه الرواية : «والجواب انها مع ضعف سندها معارضة بما رواه غياث عن جعفر عن أبيه (عليهماالسلام) (١) قال : «لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف». وهذه الرواية أوضح سندا وأظهر دلالة من الرواية السابقة ، وأجاب عنها في التهذيب بالشذوذ والحمل على التقية ، وهو مشكل» انتهى.
أقول : أنت خبير بما فيه فاني لا اعرف لهذه الأوضحية سندا ولا الأظهرية دلالة وجها بل الروايتان متساويتان سندا ومتنا كما لا يخفى ، ويمكن ترجيح الرواية الثانية بما رواه شيخنا المجلسي في البحار (٢) عن الراوندي في كتاب النوادر انه روى بسنده فيه عن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهمالسلام) قال : «سئل علي بن ابي طالب (عليهالسلام) عن الصلاة في الثوب الذي فيه أبوال الخفافيش ودماء البراغيث فقال لا بأس». وحينئذ فيمكن القول بالطهارة للروايتين المذكورتين ، ويؤيدهما عموم موثقة أبي بصير مع رواية البزنطي المتقدمتين لدلالتهما على ان كل شيء يطير فلا بأس بخرئه وبوله ، وقد عرفت طريق الجمع بينهما وبين حسنة ابن سنان بحملها على غير الطير.
بقي الكلام فيما تحمل عليه رواية داود المذكورة ، وجمع من الأصحاب حملوها على الاستحباب ، ولا يحضرني الآن مذهب العامة (٣) إلا ان الشيخ ـ كما عرفت ـ حمل رواية غياث على التقية فإن ثبت كونهم كلا أو بعضا أكثريا على ذلك وجب طرح هاتين
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ١٠ من أبواب النجاسات.
(٢) ج ١٨ ص ٢٦.
(٣) في بدائع الصنائع للكاشاني الحنفي ج ١ ص ٦٢ «بول الخشاف وخرؤه ليس بنجس» وفي الفروع لابن مفلح الحنبلي «لا يعفى عن يسير بول الخفاش» وفي المحلى لابن حزم ج ١ ص ١٩١ فصل في خرء الذباب والبراغيث والنحل وبول الخفاش بين ما إذا كان في التحفظ منه وفي غسله حرج فلم يوجب غسله وما إذا لم يكن فيه حرج فأوجبه لانه بول ورجيع.