ويأكل لحم الخنزير حيث قال (عليهالسلام): «صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجسه فلا بأس ان تصلي فيه حتى تستيقن أنه نجسه». وما ورد في الجبن من قوله (عليهالسلام) (١) : «ما علمت أنه ميتة فلا تأكله وما لم تعلم فاشتر وبع وكل ، الى ان قال والله اني لأعترض السوق فاشتري بها اللحم والسمن والجبن والله ما أظن كلهم يسمون هذه البربر وهذه السودان». وما ورد في موثقة عمار (٢) «في الرجل يجد في إنائه فأرة وكانت متفسخة وقد توضأ من ذلك الإناء مرارا واغتسل وغسل ثيابه ، حيث قال (عليهالسلام) ليس عليه شيء لأنه لا يعلم متى سقطت ، ثم قال لعله انما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها». ولا يخفى انه لو جاز العمل بالظن مطلقا لكان الوجه هو النجاسة والحرمة في جميع ما دلت عليه هذه الاخبار وأمثالها على طهارته وحليته ولا سيما موثقة عمار لظهورها في سبق موت الفأرة لمكان التفسخ مع انه (عليهالسلام) عملا بسعة الشريعة لم يلتفت الى ذلك وقال : «لعلها انما سقطت تلك الساعة» ومنها ما ورد في صحيحة زرارة (٣) في اصابة المني للثوب من انه «إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه مني فليغسل الذي اصابه وان ظن أنه أصابه مني ولم يستيقن ولم ير مكانه فلينضحه بالماء. الحديث». وهو صريح في المطلوب والنضح فيه محمول على الاستحباب كما في نظائره.
والتحقيق عندي في هذا المقام بما لا يحوم للناظر حوله نقض ولا إبرام هو ان كلا من الطهارة والنجاسة والحل والحرمة ليست أمورا عقلية بل هي أمور شرعية مبنية على التوقيف من صاحب الشرع ولها أسباب معينة معلومة منه تدور مدارها ، والمعلوم
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٦١ من الأطعمة المباحة.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ٤ من الماء المطلق.
(٣) لم نعثر في كتب الحديث على رواية لزرارة بهذا اللفظ وأيما الوارد بهذا اللفظ حسنة الحلبي المروية في الوسائل في الباب ١٦ من النجاسات وقد تقدمت ج ١ ص ١٣٨.