وكيف كان فلا بد من سوق روايات المسألة وتذييل كل منها بما تدل عليه وما يتلخص من الجميع وما يرجع اليه ، والذي وقفت عليه من ذلك روايات : منها ـ ما هو ظاهر في الطهارة ومنها ـ ما هو ظاهر في العدم ومنها ـ ما هو مجمل قابل للدخول تحت كل من الفردين المذكورين ، وها انا اذكر ما وقفت عليه منها مذيلا لكل منها بما ادى اليه فهمي القاصر :
الأولى ـ صحيحة زرارة (١) قال : «سألت أبا جعفر (عليهالسلام) عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلى فيه؟ فقال إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر».
أقول : ومورد هذه الرواية هو نجاسة البول خاصة مع خصوص الأرض وهو مما وقع الاتفاق عليه ، وظاهرها الحكم بالطهارة كما هو المشهور ، والمناقشة فيها ـ بالحمل على المعنى اللغوي لعدم ثبوت كون المعنى المصطلح عليه حقيقة عرفية عندهم (عليهمالسلام) كما صار اليه المحدث المتقدم ذكره حيث اختار القول بالعفو ـ فالظاهر بعدها من سياق الخبر المذكور وان سلم ما ذكره من عدم ثبوت الحقيقة العرفية عندهم (عليهمالسلام) إلا ان قرينة السياق ظاهرة الدلالة على ان المراد بالطهارة هي الطهارة الشرعية لأنها هي المعتبرة في أحكام الصلاة مكانا أو لباسا سيما مع تعلق السؤال بالنجاسة ، ويؤيده إطلاق الأمر بالصلاة عليه بعد تجفيف الشمس الشامل لكونه بعد التجفيف وحال الصلاة رطبا ويابسا بمعنى انه متى جف بالشمس جازت الصلاة عليه رطبا كان أو يابسا لحصول الطهارة بالتجفيف الحاصل من الشمس ثم أكد ذلك بقوله : «فهو طاهر» وبالجملة فالخبر عندي ظاهر في الطهارة إلا انه سيأتي ما هو ظاهر في المعارضة.
الثانية ـ رواية أبي بكر الحضرمي عن الباقر (عليهالسلام) (٢) قال : «يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر».
وهي ـ كما ترى ـ ظاهرة في القول المشهور من طهارة الأرض والحصر والبواري
__________________
(١ و ٢) المروية في الوسائل في الباب ٢٩ من النجاسات.