خلافه في هذه المسألة مع ان كلامه صريح في ذلك ، وأغرب منه دعواه الإجماع عليه مع انه لم يقل بذلك غيره فيما اعلم ، واستند الأصحاب هنا الى التمسك بأصالة الطهارة حتى يعلم وجود الرافع وهو قوى منصوص في غير خبر كما تقدم في مقدمات الكتاب. وقد تقدم تحقيق القول في هذه المسألة زيادة على ما أشرنا إليه في المقدمات في التنبيه الثاني من التنبيهات الملحقة بالمسألة الثانية من مسائل المقصد الثاني في الأحكام من هذا الباب. ثم ان غاية ما تدل عليه الآية التي ذكرها مع الإغماض عن المناقشات التي أوردت عليها هو نجاسة المشركين وهو مما لا نزاع فيه هنا ومن القواعد المقررة المتفق عليها ان عين النجاسة لا يحكم بتعدي نجاستها إلا مع العلم واليقين بذلك. واما الخبر فهو محمول على الاستحباب كما حققناه في المسألة المشار إليها.
(المطلب الثاني) ـ في ما يجوز استعماله من الأواني والآلات وما لا يجوز ، لا خلاف بين الأصحاب في تحريم الأكل والشرب وكذا سائر الاستعمالات كالتطيب وغيره في أواني الذهب والفضة ، وادعى عليه العلامة في التذكرة وغيره الإجماع ، ونقل عن الشيخ في الخلاف انه قال يكره استعمال الذهب والفضة. وصرح جملة ممن تأخر عنه بحمل العبارة المذكورة على التحريم ، وهو جيد.
والاخبار بذلك مستفيضة من طرق الخاصة والعامة ، فروى الجمهور عنه (صلىاللهعليهوآله) (١) انه قال : «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة». وعن علي (عليهالسلام) (٢) انه قال : «الذي
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب الأطعمة باب الأكل في إناء مفضض الا ان فيه «ولنا في الآخرة» بدل «ولكم في الآخرة» ورواه أبو داود في السنن ج ٣ ص ٣٣٧ هكذا : «ان رسول الله (ص) نهى عن الحرير والديباج وعن الشرب في آنية الذهب والفضة وقال هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة».
(٢) رواه ابن ماجة في السنن ج ٢ ص ٣٣٥ عن النبي (ص) ولم نجد روايته عن علي (ع).