التي سردناها لا يخفى عليه انطباقها على ما ذكرناه من عموم الحكم.
(المقام الثاني) ـ فيما ذكره من المناقشة الثانية في حكم جلد الميتة وانه لم يقم على نجاسته عنده دليل معتضدا بما نقله عن الفقيه ، ففيه انه لا ريب ان الروايات هنا مختلفة في جلد الميتة طهارة ونجاسة والقول بطهارته منقول عن ابن الجنيد لكن بشرط الدباغ وانها تطهر بذلك.
فمما يدل على الطهارة ما نقله عن الفقيه ومثله ما رواه الشيخ في الصحيح الى الحسين ابن زرارة ـ وهو وان كان في كتب الرجال مهملا إلا انه يمكن استفادة مدحه من دعاء الصادق (عليهالسلام) له ولأخيه الحسن ـ عن الصادق (عليهالسلام) (١) «في جلد شاة ميتة يدبغ فيصب فيه اللبن أو الماء فاشرب منه وأتوضأ؟ قال نعم ، وقال يدبغ فينتفع به ولا يصلى فيه». وظاهر الرواية التي نقلها عن الفقيه وان كان أعم إلا ان الظاهر انه يجب تقييدها بالدباغ ، ولعله إنما أطلق الحكم فيها بناء على ما هو المتعارف من الدباغ وانه لا يستعملونه إلا بعد ذلك ، وحينئذ يكون الجميع مستندا لما ذهب اليه ابن الجنيد في المسألة وأظهر من هذين الخبرين في ذلك ما صرح به (عليهالسلام) في كتاب الفقه (٢) حيث قال : «وان كان الصوف والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة بعد ان يكون مما أحل الله تعالى اكله فلا بأس به ، وكذلك الجلد فان دباغته طهارته» وقال بعد هذا الكلام بأسطر قليلة : «وذكاة الحيوان ذبحه وذكاة الجلود الميتة الدباغ»
ومما يدل على المشهور ـ وهو المؤيد المنصور ـ من النجاسة ما رواه في الكافي عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن ابي الحسن (عليهالسلام) (٣) قال : «كتبت إليه أسأله عن جلود الميتة التي يؤكل لحمها إن ذكي؟ فكتب لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب. الحديث». أقول : «ان ذكي» يحتمل ان يكون قيدا لأكل اللحم بمعنى ان مأكول اللحم مع التذكية ما حكم جلده
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٣٤ من الأطعمة المحرمة.
(٢) ص ٤١.
(٣) رواه في الوسائل في الباب ٣٣ من الأطعمة المحرمة.