نفس سائلة». وموثقة عمار عن الصادق (عليهالسلام) (١) في حديث طويل قال فيه : «اغسل الإناء الذي تصيب فيه الجرذ ميتا سبع مرات». الى غير ذلك من الاخبار التي يقف عليها المتتبع وهذا ما حضرني منها.
وأنت خبير بأنه لا مجال للتوقف في الحكم المذكور بعد الوقوف على هذه الاخبار مع تعليق الحكم في كثير منها على مطلق الميتة والجيفة والشيء والدابة ـ والمراد بها ما يدب على وجه الأرض لا ذات القوائم الأربع ـ من غير مخصص ولا مقيد ، ولا يخفى على من اعطى النظر حقه ان أكثر الأحكام الشرعية التي صارت بين الأصحاب قواعد كلية إنما حصلت من تتبع جزئيات الأحكام وضم بعضها الى بعض كالقواعد النحوية المبنية على تتبع كلام العرب وإلا فوجود الأحكام بقواعد مسورة بسور الكلية لا تكاد يوجد إلا نادرا. وما ذكره في المدارك مما قدمنا نقله عنه ـ بعد إشارته إلى روايات الزيت الذي ماتت فيه الفأرة انه غير صريح في النجاسة ـ مردود بأنهم إنما حكموا بالنجاسة في جل المواضع بل كلها من حيث النهي عن الصلاة فيها أو الأمر بغسلها أو النهي عن أكل ما وقعت فيه أو النهي عن شربه ونحو ذلك مما هو أعم من المراد حتى انه لو ورد لفظ النجاسة لتأولوه بالحمل على المعنى اللغوي لعدم الحقيقة الشرعية فيه كذلك ، وهو ممن صرح بما ذكرناه أيضا في نجاسة البول فقال بعد كلام في المقام والاحتجاج على النجاسة بالأمر بالغسل : «ولا معنى للنجس شرعا إلا ما وجب غسل الملاقي له بل سائر الأعيان النجسة انما استفيد نجاستها من أمر الشارع بغسل الثوب والبدن من ملاقاتها» انتهى. والحكم في الغسل والأكل واحد باعتبار النجاسة العارضة للمأكول فكما ان النهي عن الأكل أعم من النجاسة كذلك الأمر بالغسل أعم من ذلك. وبالجملة فإن ما ذكره المحققان المذكوران انما نشأ من الغفلة عن تتبع الروايات في هذا المقام وقصر النظر على ما خطر ببالهما من الاخبار المشار إليها في كلامهما ومن اعطى النظر حقه في هذه الأخبار
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٥٣ من أبواب النجاسات.