كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة». والحكم في المسألتين من باب واحد بل الخبران وان كان موردهما الحل والحرمة إلا ان التحريم في الخبر الأول انما نشأ من حيث النجاسة والخبران صريحان في الاكتفاء بالشاهدين في ثبوت كل من النجاسة والحرمة.
ومما يؤيد الاكتفاء بشهادة العدلين في الحكم بالنجاسة ان الظاهر انه لا خلاف ولا إشكال في انه لو كان الماء مبيعا فادعى المشتري فيه العيب بكونه نجسا واقام شاهدين عدلين بذلك فإنه يتسلط على الفسخ وما ذاك إلا لثبوت النجاسة والحكم بها كما قد تقدم ذكره في عبارتي المحقق والعلامة. وما ذكره بعض فضلاء متأخري المتأخرين ـ من إمكان المناقشة في ذلك بان اعتبار شهادتهما في نظر الشارع مطلقا بحيث يشمل ما نحن فيه ممنوع وقبول شهادتهما في الصورة المفروضة لا يدل على أزيد من ترتب جواز الرد أو أخذ الأرش عليه واما ان يكون حكمه حكم النجس في سائر الأحكام فلا بل لا بد له من دليل. انتهى ـ مما لا ينبغي ان يصغى اليه ، كيف واستحقاق جواز الرد أو أخذ الأرش انما هو فرع ثبوت النجاسة وحكم الشارع بها ليتحقق العيب الذي هو سبب لذلك ومتى ثبتت النجاسة شرعا ترتبت عليها أحكامها التي من جملتها هنا العيب الموجب للرد أو الأرش.
واما ما احتج به أبو الصلاح فإنه قد أجاب عنه في المعالم بالمنع من العمل بمطلق الظن شرعا ، قال وثبوته في مواضع مخصوصة لدليل خاص لا يقتضي التعدية إلا بالقياس. انتهى. وهو جيد ، ويؤكده ان المستفاد من الأخبار ان يقين الطهارة ويقين الحلية لا يخرج عنه إلا بيقين مثله كالأخبار الواردة في من تيقن الطهارة من الحدث والطهارة من الخبث في ثوبه أو بدنه فإنه لا يخرج عن ذلك إلا بيقين مثله ، ومن تلك الأخبار صحيحة عبد الله بن سنان (١) في الثوب إذا أعير الذمي وهو يعلم انه يشرب الخمر
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٧٤ من أبواب النجاسات.