(الخامس عشر) ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) سقوط التعدد في الغسل إذا وقع الإناء في الماء الكثير ، وهكذا كل متنجس يحتاج الى العدد إلا انه لا بد من تقديم التعفير في إناء الولوغ.
ونقل عن الشيخ في الخلاف والمبسوط انه قال : إذا ولغ الكلب في الإناء ثم وقع ذلك الإناء في الماء الكثير الذي بلغ كرا فما زاد لا ينجس الماء ويحصل له بذلك غسلة من جملة الغسلات ولا يطهر الإناء بذلك بل إذا تمم غسلاته بعد ذلك طهر. ومقتضاه وجوب التعدد في الكثير.
قال في المعالم : ومستند الشيخ في هذا ان الأمر بالعدد متناول للقليل والكثير فلا بد للتخصيص من دليل ، والجماعة عولوا في التخصيص على ان اللفظ إذا أطلق ينصرف الى المعنى المتعارف المعهود وظاهر الحال ان المتعارف في محال الأمر بالتعدد هو الغسل بالقليل ، قال ويعضد ذلك في الجملة من جهة الاعتبار ان الماء الكثير إذا استولى على عين النجاسة وان كانت مغلظة بحيث اقتضى شيوع اجزائها فيه واستهلاكها سقط حكمها شرعا وصار وجودها فيه كعدمها فإذا وقع المتنجس في الكثير واستولى الماء على آثار النجاسة فبالحري ان يسقط حكمها ويجعل وجودها كعدمها وإلا لكان الأثر أقوى من العين ، ويؤيده من جهة النص ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الثوب يصيبه البول؟ قال اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة». انتهى وهو جيد.
أقول : ومثل صحيحة محمد بن مسلم المذكورة ما صرح به مولانا الرضا (عليهالسلام) في كتاب الفقه (٢) حيث قال : «وان أصابك بول في ثوبك فاغسله من ماء جار مرة ومن ماء راكد مرتين ثم أعصره». وبهذه العبارة عبر الصدوق في الفقيه كما قدمنا ذكره. وذكرنا ان المراد بالراكد في كلامه (عليهالسلام) القليل.
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٢ من النجاسات.
(٢) ص ٦.