من المتقدمين في كثير من المسائل التي ادعوا فيها الإجماع إذا قام الدليل على ما يقتضي خلافهم وقد اتفق ذلك لهم كثيرا ، ولكن زلة المتقدم متسامحة بين الناس دون المتأخر» انتهى. وهو جيد وجيه ، فإذا كان الأمر كذلك فكيف استجاز هذان الفاضلان المنع من القول بما دلت عليه هذه الاخبار من نجاسة البول وطهارة الروث لانه لم يقل به أحد ممن تقدم ، ويا لله والعجب العجيب الظاهر للموفق المصيب ومن أخذ من الإنصاف بأدنى نصيب أن الأئمة (عليهمالسلام) يفرقون بين البول والروث فيصرحون بنجاسة الأول ويأمرون بغسلة مع تصريحهم في كتبهم الأصولية بان الأمر حقيقة في الوجوب ، ويحكمون (عليهمالسلام) بطهارة الثاني وهم يتعمدون مخالفتهم ويرتكبون هذه التأويلات الغثة في كلامهم فيحكمون بالطهارة فيهما معا ميلا إلى الأخذ بهذا الإجماع الغير الحقيق بالاتباع ولا الاستماع ، ما هو إلا اجتهاد محض في مخالفة النصوص وجرأة تامة على أهل الخصوص ، فاشرب بكأس هذا الرحيق وارتع في رياض هذا التحقيق المنجي بحمد الله من لجج المضيق ، فإنك لا تجده في كلام غيرنا من علمائنا الاعلام ولا حام حوله غيرنا أحد في المقام ، والله سبحانه العالم بالأحكام.
(الفصل الثالث) ـ في المني وهو اما ان يكون من الإنسان أو غيره من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غير ذي النفس السائلة ان ثبت وقوع المني منه فههنا أقسام ثلاثة :
(الأول) ـ مني الإنسان ، ولا خلاف نصا وفتوى في نجاسته ، والأصل فيه بعد الإجماع الأخبار المستفيضة كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهماالسلام) (١) «في المني يصيب الثوب؟ قال ان عرفت مكانه فاغسله فإن خفي عليك فاغسله كله». وحسنة عبد الله بن ابي يعفور عن الصادق (عليهالسلام) (٢) قال : «سألته عن المني يصيب الثوب؟ قال ان عرفت مكانه فاغسله وان خفي عليك مكانه فاغسله كله». وموثقة
__________________
(١ و ٢) المروية في الوسائل في الباب ١٦ من أبواب النجاسات.