وعن المساجد وقد نقل الإجماع عليه جمع من الأصحاب : منهم ـ الشيخ في الخلاف فإنه قال : لا خلاف في ان المساجد يجب ان تجنب النجاسة. وعن ابن إدريس انه نقل إجماع الأمة ، وظاهر جمع : منهم ـ الفاضلان انه لا فرق في ذلك بين النجاسة المتعدية وغيرها حتى قال في التذكرة : لو كان معه خاتم نجس وصلى في المسجد لم تصح صلاته
واستدلوا على ذلك بقوله عزوجل : «... إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ...» (١) حيث رتب النهي على النجاسة فيكون تقريبها حراما ومتى ثبت التحريم في المسجد الحرام ثبت في غيره إذ لا قائل بالفصل. وقول النبي (صلىاللهعليهوآله) «جنبوا مساجدكم النجاسة» (٢).
واعترض عليه بأنه يتوجه على الأول ان النجاسة لغة المستقذر والواجب الحمل عليه الى ان تثبت الحقيقة الشرعية ولم يثبت كون المعنى المصطلح عليه عند الفقهاء حقيقة شرعية. سلمنا الثبوت لكن النهي انما ترتب على نجاسة المشرك خاصة فإلحاق غيرها بها يحتاج الى دليل وهو منتف هنا. سلمنا ذلك لكن النهى انما تعلق بقرب المسجد الحرام خاصة وعدم الظفر بالقائل بالفرق بينه وبين غيره لا يدل على العدم فيحتمل الفرق. وعلى الثاني الطعن في الرواية بعدم الوقوف على المستند والمراسيل لا تنهض حجة في إثبات حكم مخالف للأصل ، وأيضا فإن مجانبة النجاسة المساجد تتحقق بعدم تعديها إليها فيحصل به الامتثال ولا يلزم من ذلك تحريم إدخالها مع عدم التعدي ، ومن ثم ذهب جمع من المتأخرين الى عدم تحريم إدخال النجاسة الغير المتعدية الى المسجد أو فرشه وآلته. انتهى وهو جيد.
ويؤيد ما ذكره أخيرا من عدم تحريم إدخال النجاسة الغير المتعدية ما نقله الشيخ في الخلاف من الإجماع على جواز عبور الحيض من النساء في المساجد مع عدم انفكاكهن من
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية ٢٨.
(٢) رواه في الوسائل في الباب ٢٤ من أحكام المساجد.