بكونه مما لا تحله الحياة إلا أن المنافاة الموجبة لتقييد إطلاق تلك الأخبار انما هو من حيث دلالة هذه الأخبار على الطهارة بهذه الألفاظ الدالة على ذلك ومقتضى القاعدة كما عرفت تقييد إطلاق تلك الاخبار بهذه ، وحينئذ فما ادعاه ـ من انه مع وجود النص الدال على نجاسة الميتة فإنه يشمل جميع هذه الأشياء المذكورة وان هذه الأخبار لا تفيد تخصيصا ولا تقييدا لها لعدم ظهور الدلالة على الطهارة حتى انه انما التجأ إلى أصالة الطهارة والاتفاق ظاهرا وعدم صدق الميتة عليها ـ غلط محض حيث انه غفل عما اشتملت عليه هذه الأخبار من الألفاظ الظاهرة وانما تعلق باشتمال بعضها على عدم حلول الحياة ورتب عليه ما ذكره من المناقشة ، وما ذكرناه بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه.
(الثاني) ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) عدم الفرق في الحكم بطهارة الصوف والشعر والريش والوبر بين كونها مأخوذة من الميتة بطريق الجز أو القلع إلا انه يحتاج في صورة القلع الى غسل موضع الاتصال من حيث ملاقاة الميتة بالرطوبة. ويدل على ذلك (أولا) ـ إطلاق الأخبار المتقدمة إذ لا تصريح فيها بالجز ولا غيره. و (ثانيا) حسنة حريز المتقدمة في صدر المسألة حيث اشتملت على الأمر بغسل هذه الأشياء بعد أخذها من الميتة ، ومن الظاهر انه لا وجه للأمر بالغسل مع الجز بل الظاهر ان المراد انما هو قلعها والخبر المذكور قد صرح بأنه ذكي في الصورة المذكورة اي طاهر فالخبر ظاهر الدلالة على الطهارة في صورة القلع.
وذهب الشيخ في النهاية إلى اشتراط الجز وخص الطهارة بذلك ، ونقل عنه انه علل ذلك بان أصولها المتصلة باللحم من جملة اجزائه وانما يستكمل استحالتها الى أحد المذكورات بعد تجاوزها عنه. ورد (أولا) بالمنع لانه يصدق على المجموع من المتصل باللحم والمتجاوز عنه اسم هذه الأشياء وهو لا يجامع كون شيء منها جزء من اللحم. و (ثانيا) ـ ما قدمنا من إطلاق الأخبار والتقييد يحتاج الى دليل وليس فليس ، مضافا الى ما عرفت مما دلت عليه حسنة حريز المشار إليها.