(لأنا نقول) الأحكام الشرعية لا مسرح للعقل فيها بالكلية بل هي تابعة للنصوص الشرعية وإثبات القوة والضعف موقوف على الدلالة الشرعية. ولا ريب ان مقتضى الخبرين المذكورين ان البول أضعف حكما بالنسبة إلى الإزالة مما له قوام وثخن وان كان بالنسبة إلى العفو أقوى إذ لا منافاة مع اختلاف الحيثية ، وحينئذ فيتجه المصير الى ما ذكره العلامة من التعدد في ما له قوام وثخن. إلا انه يمكن ان يقال ايضا ان ما ذكر في الخبرين المذكورين من الدلالة على أشدية نجاسة ما له ثخن وقوام لا يستلزم التعدد وانما غاية ما يلزم منه المبالغة في غسله وإزالته ، إذ لا يخفى ان الظاهر من الأخبار الدالة على التطهير من النجاسات ان الغرض من الغسل انما هو إزالة النجاسة من المحل وانه بالإزالة منه وقلعها يطهر المحل ولو بدفعة مشتملة على ماء كثير يقلعها ، والأمر بالتعدد في بعض النجاسات وان حصلت الإزالة قبل تمام العدد انما هو تعبد شرعي إذ لا يظهر له وجه سواه وحينئذ فمتى غسل المني دفعة بماء كثير يقلعه ويزيله وجب الحكم بالطهارة ولا يشترط فيه دفعة اخرى بعد زوال النجاسة لعدم الدليل على ذلك ، وشدته وقوته زيادة على البول انما هو باعتبار احتياجه الى مزيد فرك وزيادة ماء على غيره مما لا قوام له والتعدد في البول كما عرفت انما هو تعبد كغيره فلا يستلزم ان يحمل عليه ما لم يرد فيه تعدد لان الغرض الإزالة وقد حصلت بما ذكرناه. نعم لو صح الخبر الذي ذكره في الذكرى من ان العلة في التعدد ان الاولى للإزالة والثانية للإنقاء يعني الطهارة لربما أمكن الحكم بما ذكره من التعدد ولكن الشأن في ثبوته. وبالجملة فالظاهر ما عليه المشهور من المرة في غير البول في الثوب والبدن. والله العالم.
(المسألة الثانية) ـ المعروف من كلام الأصحاب من غير خلاف يعرف وجوب العصر في الثوب ونحوه مما يرسب فيه الماء فلو غسله ولم يعصره حتى جف بالهواء أو الشمس فهو باق على نجاسته كما صرح به جملة منهم.
إلا انهم اختلفوا هنا في موضعين (الأول) في مدرك وجوب العصر حيث لم