المذكور قد عدل في هذا المقام عن ذلك كما قدمنا من عبارته ، ويمكن حمل عبارة كتاب الفقه ـ كما هو ظاهر سياقها ـ على ان مقدار الحمصة الذي نفى عنه البأس انما هو في الثوب وحينئذ فنفى البأس من حيث السعة فتدخل تحت عموم قوله : «وما كان دون الدرهم» فإنها من حيث السعة دون الدرهم المذكور وانما محل الإشكال في البدن باعتبار احتمال الوزن كما ذهب إليه في المدارك.
(الموضع الثاني) ـ قد اتفقت هذه الروايات على ما قدمنا ذكره في العفو عما نقص من قدر الدرهم وعدم العفو عما زاد وانما اختلفت في العفو عن قدر الدرهم وعدمه وبذلك اختلفت كلمة الأصحاب ، والمشهور الثاني كما قدمنا ذكره.
واستدل عليه بوجوه : (أولها) ـ ان مقتضى الدليل وجوب ازالة قليل النجاسة وكثيرها لقوله (عليهالسلام) «انما يغسل الثوب من البول والمني والدم» (١). ونحو ذلك من الأخبار التي قدمناها في الفصل الرابع في نجاسة الدم مما دل على وجوب تطهير الثوب من الدم واعادة الصلاة بالصلاة فيه ناسيا ونحو ذلك ، فإن إطلاقها يقتضي وجوب ازالة الدم كيف كان خرج منه ما وقع الاتفاق على العفو عنه وهو الأقل من درهم وبقي الباقي وعلى هذا الوجه اقتصر المحقق في المعتبر وان كان كلامه فيه بوجه مختصر ، وهو جيد وجيه كما لا يخفى على العارف النبيه.
و (ثانيها) ـ قوله تعالى : «وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ» (٢) قال العلامة في المختلف وهو عام تركناه فيما نقص عن الدرهم للمشقة وعدم الانفكاك منه فيبقى ما زاد على عموم الأمر بإزالته. أقول : وفيه عندي نظر تقدم ذكره قريبا وهو ان الاخبار الواردة بتفسير الآية قد
__________________
(١) الظاهر ان هذا مضمون الأخبار الواردة في نجاسة هذه الأمور وليس لفظا واردا في حديث خاص وقد أورده كذلك المحقق في المعتبر وصاحبا المدارك والمعالم ومرجعه الى التمسك بالإطلاقات.
(٢) سورة المدثر ، الآية ٤.