التنزل اليه بعد الإغماض عما ذكرناه في غير موضع من التحقيق هو حمل دليله لو كان ثمة دليل على الكراهة جمعا كما هي قاعدتهم لا الحكم بالكراهة لمجرد التفصي من الخلاف فإنه لا يخفى ما فيه على ذوي الإنصاف.
(الخامس) ـ المشهور في كلام متأخري أصحابنا نجاسة الجلد لو وجد مطروحا وان كان في بلاد المسلمين جديدا أو عتيقا مستعملا أو غير مستعمل لأصالة عدم التذكية ونحو ذلك اللحم ايضا.
وأنت خبير بما فيه (اما أولا) فللقاعدة الكلية المتفق عليها نصا وفتوى من ان «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه» (١). و «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر» (٢). ومن قواعدهم المقررة ان الأصل يخرج عنه بالدليل والدليل موجود كما ترى ، فترجيحهم العمل بالأصل المذكور على هذه القاعدة المنصوصة خروج عن القواعد ، ويعضد هذه القاعدة المذكورة جملة من الاخبار كصحيحة سليمان بن جعفر الجعفري عن العبد الصالح موسى (عليهالسلام) (٣) «انه سأله عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية أيصلي فيها؟ قال نعم ليس عليكم المسألة ان أبا جعفر (عليهالسلام) كان يقول ان الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ان الدين أوسع من ذلك». وبمضمونها روايات عديدة قد تقدمت ، والتقريب فيها دلالتها على الحل في موضع الاشتباه حتى في الصلاة.
و (اما ثانيا) ـ فلما رواه الشيخ عن السكوني عن الصادق (عليهالسلام) (٤) «ان أمير المؤمنين (عليهالسلام) سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها وفيها سكين؟ فقال أمير المؤمنين (عليهالسلام) يقوم ما فيها ثم يؤكل لانه يفسد وليس له بقاء فان جاء طالبها غرموا له الثمن. قيل يا أمير المؤمنين
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٤ من ما يكتسب به.
(٢) راجع ص ٢٥٥.
(٣ و ٤) المروية في الوسائل في الباب ٥٠ من أبواب النجاسات.