وقد ضبط جملة من أصحابنا لفظ «الشث» هنا بالشين المعجمة والثاء المثلثة قال الجوهري انه نبت طيب الريح مر الطعم يدبغ به ، وفي الذكرى بعد ان ضبطه هكذا قال وقيل بالباء الموحدة وهو شيء يشبه الزاج. والقرظ بالقاف والراء والظاء المعجمة قال الجوهري هو ورق السلم يدبغ به. واما الدارش فذكر الجوهري وغيره انه جلد معروف. واما ما ذكره ابن الجنيد من اللنكا فذكر في المعالم انه ليس بعربي إذ لم يذكره أهل اللغة.
(الثالث) ـ لو قلنا ببقاء جلود الميتة بعد الدباغ على النجاسة كما هو المشهور المنصور فهل يجوز الانتفاع بها في اليابس أم لا؟ صرح جملة من الأصحاب : منهم ـ الفاضلان في المعتبر والمنتهى والشهيد في الذكرى بالثاني. وعلله المحقق في المعتبر بعموم النهي عن الانتفاع ونحوه العلامة في المنتهى ، وزاد الشهيد في الذكرى عموم «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ» (١).
واعترضهم في المعالم بأنه ليس بجيد لأن الآية غير صالحة لأن يتناول عمومها مثله كما بيناه والخبران العامان قد علم ضعف إسنادهما.
أقول : اما ما ذكره من منع دلالة الآية سابقا وفي هذا الموضع فهو جيد لما ذكره من ان المتبادر انما هو الأكل كما في قوله سبحانه «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... الآية» (٢) فإن المتبادر انما هو النكاح خاصة. واما الطعن في الخبرين الدالين على ذلك فهو ايضا جيد على أصله الغير الأصيل المخالف لما عليه كافة العلماء جيلا بعد جيل ، لإطباقهم على العمل بهذه الاخبار واتفاقهم على ذلك في جميع الأعصار وان اختلفوا في الوجه في ذلك فبين من يحكم بصحتها كما عليه كافة المتقدمين وجملة من متأخري المتأخرين وبين من يجبر ضعفها باتفاق الأصحاب على العمل بها وإجماعهم عليها. والله العالم.
(الرابع) ـ الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) فيما
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ٤.
(٢) سورة النساء ، الآية ٢٧.