اعلم ان ما عدا الكلب والخنزير والإنسان من الحيوانات الطاهرة مما لا يؤكل لحمه كالسباع ونحوها تقع عليها الذكاة وانما الخلاف في انه بعد التذكية هل يشترط في الانتفاع بجلده الدبغ أم لا؟ المشهور على ما ذكره في الذكرى الأول حيث قال : الأصح وقوع الذكاة على الطاهر في حال الحياة كالسباع لعموم «إِلّا ما ذَكَّيْتُمْ» (١) وقول الصادق (عليهالسلام) (٢) «لا تصل فيما لا يؤكل لحمه ذكاه الذبح أو لم يذكه». فيطهر بالذكاة ، والمشهور تحريم استعماله حتى يدبغ والفاضلان جعلاه مستحبا لطهارته وإلا لكان ميتة فلا يطهره الدبغ. انتهى. وربما أشعر صدر عبارته بالخلاف في وقوع التذكية.
أقول : لم أقف في كلام أحد من الأصحاب على نقل الخلاف في جواز الاستعمال قبل الدبغ إلا عن الشيخ والمرتضى خاصة حيث نقل عنهما التحريم كما في المعتبر والمختلف والمنتهى ، وشيخنا الشهيد في الذكرى قد ذكر انه هو المشهور وظاهر أكثر المتأخرين انما هو ما ذهب اليه الفاضلان من الجواز وان كان على كراهة خروجا من خلاف القائل بالتحريم ، نعم ظاهر كلام العلامة ان خلاف الشيخ والمرتضى انما هو في الطهارة لا في الاستعمال كما هو المفهوم من كلام غيره ، قال واما الحيوان الطاهر حال الحياة مما لا يؤكل لحمه كالسباع فإنه تقع عليه الذكاة ويطهر الجلد بها وهو قول مالك وابي حنيفة وقال الشيخ والمرتضى لا يطهر إلا بالدباغ وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى لا يجوز الانتفاع بجلود السباع قبل الدبغ ولا بعده. إلخ (٣). وهو غريب ونحوه كلام المحقق الشيخ علي في شرح القواعد حيث قال بعد قول المصنف «نعم يستحب الدبغ فيما لا يؤكل لحمه» : وقيل بالوجوب ومقتضى كلام القائلين به ان
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ٤.
(٢) الظاهر انه مضمون ما ورد في موثق ابن بكير المروي في الوسائل في الباب ٢ من لباس المصلى من فساد الصلاة في كل شيء من غير المأكول ذكاه الذبح أو لم يذكه.
(٣) المغني ج ١ ص ٦٦ و ٧١ وبداية المجتهد ج ١ ص ٧٢.