وروى العلامة في المختلف نقلا من كتاب عمار بن موسى الساباطي عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «خرء الخطاف لا بأس به هو مما يؤكل لحمه ولكن كره أكله لأنه استجار بك وأوى إلى منزلك وكل طير يستجير بك فاجره».
قال في المدارك بعد الاستدلال بحسنة عبد الله بن سنان المذكورة على نجاسة أبوال ما لا يؤكل لحمه : «وجه الدلالة ان الأمر حقيقة في الوجوب واضافة الجمع تفيد العموم ، ومتى ثبت وجوب الغسل في الثوب وجب في غيره إذ لا قائل بالفصل ، ولا معنى للنجس شرعا إلا ما وجب غسل الملاقي له بل سائر الأعيان النجسة انما استفيد نجاستها من أمر الشارع بغسل الثوب أو البدن من ملاقاتها مضافا الى الإجماع المنقول في أكثر الموارد كما ستقف عليه في تضاعيف هذه المباحث» انتهى وهو جيد. واما قوله في الذخيرة بعد نقل هذا الكلام «وفيه تأمل» فالظاهر انه بناء على ما تكرر في كلامه من عدم دلالة الأمر في الاخبار على الوجوب وقد أوضحنا ضعفه في غير مقام. ثم قال في المدارك : «أما الأرواث فلم أقف فيها على نص يقتضي نجاستها من غير المأكول على وجه العموم ولعل الإجماع في موضع لم يتحقق فيه المخالف كاف في ذلك» انتهى. وهو جيد. والعجب ان المحقق في المعتبر بعد ان ادعى الإجماع المشار اليه آنفا نقل خلاف الشيخ في المبسوط في رجيع الطير كما سيأتي.
وبالجملة فالمفهوم من كلام الأكثر البناء على قاعدتين كليتين : الاولى ـ ان كل ما يؤكل لحمه فبوله وروثه طاهر ، والثانية ـ ان كل ما لا يؤكل لحمه فبوله وروثه نجس ، والخلاف قد وقع في الكليتين ، وها انا اذكر مواضع الخلاف فأقول :
(الأول) ـ رجيع الطير وهذا من الكلية الثانية ، فذهب الصدوق الى طهارته مطلقا حيث قال في الفقيه : «ولا بأس بخرء ما طار وبوله» وهو ظاهر في إطلاق القول بالطهارة ، ونقله الأصحاب أيضا عن ابن ابي عقيل والجعفي ، وهو قول الشيخ في
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٩ من أبواب النجاسات.