يقفوا على دليل يدل عليه من الاخبار كما ذكره بعض الأصحاب. فبين من علل ذلك بأنه لا يتيقن خروج النجاسة إلا به وبين من علله بأنه مأخوذ في حقيقة الغسل وبين من علله بأن الغسالة نجسة فيجب إخراجها. واحتج المحقق في المعتبر بأن النجاسة ترسخ في الثوب فلا تزول إلا بالعصر ، وبان الغسل انما يتحقق في الثوب ونحوه بالعصر وبدونه يكون صبا لا غسلا. واستدل عليه في التذكرة والنهاية يكون الغسالة نجسة فلا تحصل الطهارة مع بقائها. وجمع في المنتهى بين ما ذكره المحقق وما ذكره هو في الكتابين المذكورين. وعلله الشهيد في الذكرى بوجوب إخراج النجاسة وتبعه جمع من المتأخرين ، وربما أضاف إليه بعضهم الوجه المذكور في التذكرة والنهاية.
وكيف كان فلا يخفى ما في بناء الأحكام الشرعية على مثل هذه التعليلات العليلة من المجازفة سيما مع ما هي عليه من تطرق الإيراد وعدم الاطراد : (اما الأول) فإنه أخص من المدعى لاختصاصه بصورة العلم بتوقف خروج النجاسة عليه والمدعى أعم من ذلك. و (اما الثاني) فلتطرق المنع إليه لغة وعرفا إذ الظاهر ان الغسل لغة وعرفا انما هو عبارة عما يحصل به الجريان والتقاطر في ثوب كان أو بدن أو غيرهما ، ويقابله الصب الذي هو عبارة عن وصول الماء خاصة من غير جريان ولا انفصال ويسمى بالرش ايضا كما وقع التعبير بهما معا في ملاقاة الكلب بيبوسة ، ومقتضى هذا الوجه وجوب العصر سواء قلنا بنجاسة الغسالة أو طهارتها وان القدر المعتبر منه ما يصدق معه مسمى الغسل في العرف حتى لو بقيت فيه اجزاء يمكن إخراجها بغير مشقة لم تضر إذا كان مفهوم الغسل قد تحقق بدون خروجها. و (اما الثالث) فلتطرق المنع إلى نجاسة الغسالة ، ومع تسليم ذلك فنمنع انحصار طريق الإزالة في العصر فإنه يحصل بالجفاف ايضا ، على ان العصر لا يشترط فيه إخراج جميع الرطوبة التي في الثوب ، وقد اعترف الأصحاب بطهارة المتخلف بعد العصر وان أمكن إخراجه بعصر أشد من الأول.
والتحقيق عندي في المقام وان لم يهتد إليه أولئك الاعلام ان أكثر الأخبار