الروايتين للتقية وتخصيص موثقة أبي بصير مع الرواية الثانية برواية داود فيستثنى الخشاف من عموم الطير كما ذهب اليه الشيخ. إلا ان ما ذكره من الحمل على التقية غير معلوم عندي وبه يظهر ان الأظهر هو الطهارة ، والاحتياط بالعمل بالمشهور مما لا ينبغي إهماله. ومورد الأخبار المذكورة وان كان هو البول مع عدم معلوميته يقينا من الخشاف ولا غيره من الطيور إلا ان الذرق يكون حكمه أيضا كذلك بل هو اولى بالقول بالطهارة لدخوله تحت عموم موثقة أبي بصير مع الرواية الأخرى وعدم المعارض سوى الإجماع المدعى في المسألة.
وبذلك يظهر لك ما في كلام صاحب المعالم حيث قال ـ بعد ذكر رواية داود ورميها بالضعف ثم رواية غياث وردها بذلك ـ ما صورته : «فان تحقق للخشاف بول وعملنا بالحديث الحسن تعين اطراح هذه لدلالة حسنة عبد الله بن سنان على نجاسة البول من كل حيوان غير مأكول اللحم فتتناول بعمومها الخشاف وتقصر هذه عن تخصيصها وكذا ان ثبت عموم محل الإجماع ، وإلا فالأصل يساعد على العمل بهذه وان ضعفت ويكون ذكر البول فيها محمولا على التجوز» انتهى.
أقول : الإشارة بهذه في كلامه راجع الى رواية غياث وهي الأخيرة من الروايتين وفيه انه على تقدير ثبوت البول للخشاف فان المنافاة لا تختص برواية غياث حتى انها تقصر عن تخصيص الحسنة المذكورة بل موثقة أبي بصير المذكورة في كلامه سابقا وهو ان عمل بالحسنة فالموثقة ايضا مثلها في قوة العمل ، وبالجملة فإنه لا بد له من الجمع بين الحسنة المذكورة والموثقة المشار إليها لتصادمهما في البول ، ووجه الجمع هو ما قدمناه من حمل الحسنة المذكورة على غير الطيور وإبقاء الموثقة على عمومها ، وحينئذ فيبقى التعارض بين رواية غياث ورواية داود مع تأيد رواية غياث بعموم موثقة أبي بصير والرواية التي معها وخصوص رواية الراوندي فيترجح العمل بها ، واما على تقدير عدم ثبوت البول والحمل على الرجيع تجوزا فالأمر كما ذكره لما عرفت آنفا.