يطبخ في النار حتى يغلى من ساعته فيشربه صاحبه؟ قال إذا تغير عن حاله فغلى فلا خير فيه حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه». وأمثال ذلك فإنه يجب حمله على العصير العنبي حمل المطلق على المقيد كما هو القاعدة المشهورة والمتكررة الغير المنكورة.
ومما يزيدك بيانا وإيضاحا لهذا الحمل المذكور ورود جملة من الاخبار الدالة على العلة في تحريم العصير بعد غليانه وقبل ذهاب ثلثيه وحله بعد ذلك فان موردها هو العنب خاصة دون غيره من الأشربة :
فمن ذلك ما رواه في الكافي عن ابي الربيع الشامي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن أصل الخمر كيف كان بدء حلالها وحرامها ومتى اتخذ الخمر؟ فقال ان آدم (عليهالسلام) لما اهبط من الجنة اشتهى من ثمارها فانزل الله سبحانه قضيبين من عنب فغرسهما آدم فلما أن أورقا وأثمرا وبلغا جاء إبليس لعنه الله فحاط عليهما حائطا فقال آدم ما حالك يا ملعون؟ فقال له إبليس إنهما لي فقال كذبت فرضيا بروح القدس فلما انتهيا اليه قص عليه آدم قصته فأخذ روح القدس ضغثا من نار ورمى به عليهما والعنب في أغصانهما حتى ظن آدم انه لم يبق منهما شيء وظن إبليس مثل ذلك ، قال فدخلت النار حيث دخلت وقد ذهب منهما ثلثاهما وبقي الثلث ، فقال الروح اما ما ذهب فحظ إبليس واما ما بقي فلك يا آدم». وعن الحسن بن محبوب عن خالد بن نافع عن الصادق (عليهالسلام) مثله (٢) ورواه الصدوق في العلل نحوه (٣).
وما رواه في الكافي أيضا في الحسن عن زرارة عن الباقر (عليهالسلام) (٤) قال : «لما هبط نوح (عليهالسلام) من السفينة غرس غرسا فكان فيما غرس الحبلة ثم رجع الى أهله فجاء إبليس لعنه الله فقلعها ، ثم ان نوحا عاد الى غرسه فوجده على حاله ووجد الحبلة قد قلعت ووجد إبليس عندها فأتاه جبرئيل فأخبره ان إبليس لعنه الله قلعها ، فقال نوح لإبليس ما دعاك الى قلعها؟ فوالله ما غرست غرسا أحب الي منها
__________________
(١ و ٢ و ٣ و ٤) رواه في الوسائل في الباب ٢ من الأشربة المحرمة.