في المدارك ايضا ، وعليه اعتمد المحدث الكاشاني في الاستدلال كما قدمنا نقله عنه فذهب الى القول بالعفو دون الطهارة وقوفا على ظاهر هذا الخبر وجعل التأويل فيما عارضه كما تقدم ذكره ، والحق كما ذكرنا ظهور كل من الخبرين فيما دل عليه في البين وبعد التأويلات من الجانبين وبه حصل التوقف في المسألة.
و (رابعا) ـ موثقة عمار الآتية عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «سئل عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس ولكنه قد يبس الموضع القذر؟ قال لا تصل عليه واعلم موضعه حتى تغسله. الحديث». وهو ظاهر الدلالة في احتياج الأرض بعد زوال العين وجفاف النجاسة إلى الغسل بالماء وبه تبطل دعواه الاختصاص بالثلاثة التي ذكرها كما لا يخفى. واما ما أجاب به في المختلف عن الصحيحة المذكورة ـ من الحمل على التطهير بعد يبس البول حيث انه في هذه الحال لا يطهره إلا الماء لان الشمس انما تكون مطهرة إذا أشرقت عليه رطبا وجففت الرطوبة وإلا فلو جف بدونها فإنها لا تكفي في تطهيره بل يجب الماء البتة ـ فهو وان كان بعيدا إلا انه في مقام الاحتمال قريب للجمع بين الاخبار. وقيل في الجواب عنها بان المراد بالماء الذي سئل عن تطهير الشمس بدونه ما يبل به الموضع إذا كان جافا ، قالوا إذ ليس في السؤال إشعار بوجوده في المحل حال إشراق الشمس فيحمل على ما إذا جف قبل إشراقها. ولا يخفى ما فيه وان استقربه في الذخيرة. وقيل بان المراد من الماء الرطوبة الحاصلة من النجاسة فكأنه قال هل تطهره إذا كان جافا؟ فأجابه (عليهالسلام) بإنكار ذلك. وفيه ما في سابقه. وقيل بكون إنكار الطهارة بدون الماء عائدا إلى مجموع ما وقع في السؤال بعد حمل المشابهة في قوله : «وما أشبهه» على المماثلة في أصل النجاسة فيتناول النجاسات التي لها أعيان كالدم وتأثير الشمس فيها انما يتصور بعد ذهاب العين فيرجع حاصل الإنكار الى ان من النجاسات ما له عين وهذا النوع لا سبيل الى طهارته
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٢٩ من أبواب النجاسات.