وعلى هذا : فما لفاعله أن يفعله قد يصير ممنوعا منه بأن يرد الشرع بإباحة شيء فى حالة ، وتحريمه فى أخرى ؛ فلا يكون ذاتيا.
واتفقوا على أن فعل الله ـ تعالى ـ حسن بكل حال ، وأنه موصوف بذلك أبدا سرمدا ، وافق الغرض ، أو خالف. وإن (كان) (١) ذلك مما لا يتغير ولا يتبدل بنسبة ، ولا إضافة ؛ لكن إن كان بعد ورود الشرع ؛ ففعله موصوف بكونه حسنا ؛ بالاعتبارين الأخيرين. وسواء كان واقعا ، أو متوقعا على أى حالة كان وضعه ، وإن كان قبل ورود الشرع ؛ فموصوف بكونه حسنا ، بالاعتبار الأخير منهما.
ولا يمكن أن يقال : إن افعال الله ـ تعالى ـ قبل ورود الشرع بالأمر بالثناء عليها حسنة. بمعنى أن الأمر بالثناء على أفعاله قبل ورود الشرع موجود بتقدير ورود الشرع ، كما تخيله بعض الأصحاب استنباطا / من تعلق الأمر بالمعدوم بتقدير وجوده. فإنا لو فرضنا عدم ورود الشرائع ، وعدم خطور تجويز ورودها بالبال ؛ لما خرجت أفعال الله ـ تعالى ـ عن اتصافها (٢) ، بكونها (٢) حسنة ، ولو كان الحكم بكونها حسنة متعلقا بتقدير ورود الشرع ؛ لما كانت أفعاله متصفة بكونها حسنة ؛ وهو خرق للإجماع.
وأما ما كان من أفعال العقلاء قبل ورود الشرع ؛ فموصوفة بالحسن ، والقبح باعتبار موافقة الأغراض ، ومخالفتها ، أو بمعنى أن لهم فعلها. لا بمعنى ورود الشرع بالثناء ، أو الذم.
وعلى هذا التفصيل يكون الكلام فى صفة أفعال أهل الجنة. بالحسن حالة وجودها ؛ لعدم ورود (٣) الشرع فى الآخرة.
وأما فى وقتنا هذا ؛ فهل يوصف ما يتوقع من أفعالهم فى الآخرة بالحسن شرعا فمتوقف على ورود الشرع به ؛ فإن ورد به فذاك. وإلا فلا.
وعلى ما حققناه من وصف ما سبق من أفعال الله على ورود الشرع بكونها حسنة شرعا ؛ لورود الشرع بالأمر بالثناء على ما مضى من أفعاله يكون التحقيق فى وصف ما
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) فى ب (كونها).
(٣) فى ب (وجود).