وبهذا الاعتبار قد يكون الفعل الواحد حسنا بالنسبة إلى من وافق غرضه. قبيحا بالنسبة إلى من خالف غرضه : كقتل زيد مثلا ؛ فإنه قبيح بالنسبة إلى مواليه ، حسن بالنسبة إلى أعاديه : وهو أمر إضافى غير ذاتى. لا كالسواد ، والبياض ؛ فإنه لا يتصور أن يكون المحل أسود ، أبيض بالنسبة إلى شخصين.
الاعتبار الثانى : إطلاق الحسن على ما أمر الشارع بالثناء على فاعله ويدخل / فيه الواجبات ، والمندوبات ، وأفعال الله ـ تعالى ـ ويخرج منه المباحات ؛ لعدم ورود الشرع بالأمر بالثناء على فعلها ، وتركها.
ولو قيل بأن الحسن ما يجوز الثناء على فاعله ؛ لكان المباح حسنا ؛ لجواز الثناء على فاعله. وإطلاق القبيح على ما أمر الشارع بذم فاعله ويدخل فيه الحرام ، ويخرج منه المكروه ، كراهة التنزيه ، والمباح ؛ حيث أن الشارع لم يأمر بذم فاعله ؛ لكن المكروه وإن لم يكن قبيحا بهذا الاعتبار ؛ فليس حسنا باعتبار الثناء على فعله ؛ بل باعتبار أن لفاعله أن يفعله ، أو أنه موافق للغرض.
وإطلاق الحسن ، والقبح بهذا الاعتبار أيضا مما يختلف ، ويتبدل ؛ إذ لا مانع من ورود الشرع بوجوب الفعل فى حالة ، وتحريمه فى حالة ، وبوجوبه على شخص ، وتحريمه على آخر.
الاعتبار الثالث : إطلاق الحسن على ما لفاعله أن يفعله ، ويدخل فيه مع أفعال الله تعالى ـ والواجبات ، والمندوبات ؛ المباحات ، والمكروهات ، كراهة تنزيه ؛ غير أن إطلاق الحسن على المباح مختلف فيه بين أصحابنا.
فمنهم : من منع منه نظرا إلى أن الحسن : مقتضاه التحريض عليه ، والدعاء إليه ؛ وليس المباح كذلك.
ومنهم من سوغه : نظرا إلى أن من فعل مباحا ، لا يمتنع على واصفه أن يقول : فعل حسنا ، من غير نكير من أئمة المسلمين ، وأنه (١) لو لم يكن حسنا (١) ؛ لصح أن يقال لفاعل المباح. ما فعل حسنا ، وهو خلاف المعهود من اصطلاح الشرع.
__________________
(١) فى ب (ولو كان غير حسن).