الوجه الثالث : أنا سنبين أن جميع أفعال العباد مخلوقه لله ـ تعالى ـ فلو كان مسمى القبيح هو ذات الفعل ، والقبيح على أصلهم ، لا يكون مخلوقا لله ـ تعالى ـ فلا يكون مخلوقا له ؛ وهو ممتنع كما يأتى.
وإن كان المفهوم من كونه قبيحا زائدا على ذات الفعل : فإما أن يكون صفة له ، أو لا يكون صفة له.
فإن لم يكن صفة له : فوصف العقل به يكون ممتنعا. وإلا لجاز اتصاف الجسم بحركة لا تقوم به ؛ وهو محال.
وإن كان صفة له : فإما أن تكون صفة ثبوتية ، أو لا ثبوتية.
لا جائز أن تكون صفة ثبوتية لوجهين :
الأول : أنه قد يكون صفة للعدم كما فى ترك الحسن الواجب. والترك عدم ، والثبوت لا يكون صفة للعدم.
الثانى : أنه يلزم منه قيام المعنى بالمعنى ؛ وهو ممتنع كما يأتى.
ولا جائز أن تكون عدمية ؛ لأن نقيض المفهوم من القبيح ، لا قبيح. ولا قبيح صفة للعدم ، وهو ترك الفعل القبيح ؛ فالقبيح لا يكون عدما.
وهذه المحالات إنما لزمت من القول بكون الفعل قبيحا لذاته ؛ فكان محالا.
فإن قيل : لا شك فى وصف الفعل بكونه ممكنا ، ومعلوما ، ومقدورا ، ومذكورا إلى غير ذلك من الأوصاف (١). وما ذكرتموه يلزم منه امتناع اتصاف الفعل بهذه الصفات ؛ وذلك لأن [(٢) المفهوم من كون (٢)] الفعل ممكنا ، ومعلوما ، ومقدورا ، ومذكورا : إما أن يكون المفهوم منه هو نفس ذات الفعل ، أو زائدا عليه. والتقسيم : كالتقسيم ، والتقرير للمقدمات : كالتقرير إلى آخره ، وهو رفع لما علم الاتصاف به ضرورة ؛ فما هو الجواب عنه فى صورة الإلزام. هو الجواب عنه فى محل الاستدلال.
__________________
(١) فى ب (الصفات).
(٢) ساقط من أ.