وبيان أن قبح الظلم متحقق قبل وجود الظلم. ولهذا فإنه ليس لفاعله أن يفعله. وإذا كان قبح الظلم متحققا قبل وجود الظلم ، فلو كان القبح معللا بجهة عائدة إلى الظلم ؛ لكان المعلول متقدما على علته ؛ وهو محال.
الثانى : أنه يلزم منه تعليل الوجود بالعدم ؛ وتعليل الوجود بالعدم ممتنع كما سبق.
وبيان ذلك : هو أن القبح صفة وجودية ؛ فإن نقيضه لا قبح ، ولا قبح صفة للعدم ؛ فيكون عدما ؛ فالقبح وجود.
وإذا كان وجوديا : فلو كان معللا بالظلم ؛ لكان العدم من جملة علته.
وبيانه أن مفهوم الظلم اضرار غير مستحق ، وكونه غير مستحق أمر عدمى ؛ فيكون داخلا فى العلة ؛ وهو محال.
وهو فاسد أيضا [فإن لقائل أن يقول] (١) : لا نسلم الملازمة.
[وقولكم] (٢) فى الوجه الأول : إن قبح الظلم متقدم على وجود الظلم غير مسلم ؛ إذ القبح صفة للظلم ، والصفة لا تتقدم على الموصوف ؛ بل المتقدم إنما هو حكم أهل العرف على ما سيوجد من الظلم بأنه بتقدير وجوده قبيح ، وليس فى ذلك ما يوجب تقدم قبح الظلم على الظلم ، أو حكم الشارع بشرعية الإثم [والمؤاخذة] (٣) على الظلم بتقدير وجوده ، والشرعية تكون سابقة أبدا على الأفعال / والشرعية من الشارع ليست صفة للفعل.
وقولكم فى الوجه الثانى : أنه يلزم منه تعليل الوجود بالعدم ، غير مسلم.
قولكم : القبح صفة ثبوتية ؛ ممنوع.
قولكم : إن نقيضه صفة للعدم.
قلنا : إن دل ذلك على كون النقيض عدما ؛ فالقبح أيضا صفة لترك الحسن الواجب ؛ فيكون عدما كما سبق.
__________________
(١) فى أ (فإن قيل للقائل).
(٢) فى أ (وقولهم).
(٣) فى أ (المؤاخذ).