وأيضا : فإن الفعل حادث : فلو أوجب حكما فى الفاعل ؛ لتجدد للبارى ـ تعالى ـ من أفعاله أحكام وصفات قائمة بذاته لم تكن قبل وجود الفعل ؛ ويلزم من ذلك أن تكون ذات الرب ـ تعالى ـ محلا للحوادث ؛ وهو محال على ما سبق (١).
وأيضا : فإن ترك الواجب إساءة. وهو نفى محض ، والنفى لا يكون علة للحكم الخالى. وإن كان الوصف هو كون الفاعل عالما بالحسن ، أو القبح مع القصد والإرادة ؛ فهو ممتنع على أصلهم أيضا.
وبيانه : أن (٢) من كان عالما بضرر إنسان ، وقصد إيجاده ؛ فيجب أن يكون مسيئا ، مستحقا للوم والعقاب ؛ على أصلهم. وكذلك من علم مصلحة إنسان وقصد إيجادها ؛ فهو محسن ، ومستحق للثناء والمدح.
وعلى هذا : فيلزم أن يكون محسنا ، ومسيئا عند اجتماع الأمرين ؛ لضرورة وجود حقيقة الإحسان والإساءة على ما ذكروه ، ومع ذلك لو كان النفع المتأخر عن العذر السابق مرجوحا ؛ فإنه لا يكون محسنا عندهم. وكذلك لا يكون مسيئا عندنا إذا كان الأمر / بالعكس مع أن حقيقة الإحسان موجودة ، وما سبق من الإساءة غير مخلة بالإحسان اللاحق. وكذلك بالعكس.
وإن كان ما به التعليل شيئا آخر ؛ فلا بد من تصويره ، وإقامة الدليل عليه.
وبما استقصيناه إلى هاهنا تمام مسألة التحسين ، والتقبيح.
__________________
(١) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.
(٢) فى ب (أن كل من).