سلمنا دلالة الآية على لزوم العذاب بعد بعثة الرسل ، ونفيه قبل البعثة ؛ ولكن ليس فيها ما يدل على لزوم العذاب بالبعثة ، وإن كان لازما عندها. وهذا كما يقال : لا أكرمك حتى يجيء رأس الشهر ؛ فإنه لا يدل على أن الموجب للإكرام مجىء رأس الشهر ، وإن كان الإكرام متحققا عنده.
سلمنا لزوم العذاب بالبعثة ؛ ولكن لا نسلم أن لزوم العذاب من لوازم الوجوب ، والحظر.
ولهذا : فإنه قد لا يعذب من ترك الواجب ، وفعل (١) المحرم (١) بناء على عفو ، أو شفاعة.
وإذا لم يكن لازما : لم يلزم من وجوده ولا نفيه وجود الحكم ، ولا نفيه.
سلمنا ملازمة العذاب للوجوب ، والحظر ؛ ولكن بعد ورود الشرع ، أو قبله. الأول : مسلم. والثانى : ممنوع.
وعلى هذا فلا يلزم من انتفاء العذاب قبل ورود الشرع ، انتفاء الوجوب والحظر قبله.
سلمنا أنه من لوازم الوجوب والحظر ؛ ولكن الوجوب والحظر المستفادان من الشرع ، أو العقل. الأول ؛ مسلم. والثانى ؛ ممنوع.
وعلى هذا فلا يلزم من انتفاء الوجوب والحظر (المستندين) (٢) إلى الشرع قبل ورود الشرع انتفاء الحظر ، والوجوب مطلقا.
سلمنا أنه من لوازم الوجوب ، والحظر مطلقا ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من إسناد لازم الحكم ، إلى الشرع ، إسناد الملزوم إلى الشرع.
سلمنا أنه يلزم من ذلك إسناد الوجوب ، والحظر إلى الشرع ، وأنه لا تحقق له قبل [ورود] (٣) الشرع ؛ ولكن ليس فيه دلالة على امتناع ما عدا الوجوب والحظر قبل الشرع. وذلك كالمندوب ، والمباح ، والصحة / والبطلان ، وغير ذلك من الأحكام.
__________________
(١) فى ب (أو فعل القبيح).
(٢) فى أ (المستند).
(٣) ساقط من أ.