ورود النهى من الشرع انتفاء القبح. وإلا للزم (١) من انتفاء التخيير من الشرع ، انتفاء التساوى ؛ وليس أحد الأمرين أولى من الآخر.
وإن كان الثالث : فلا بد من تصويره ، وإقامة الدليل عليه.
فإن قيل : المباح : هو المأذون فى فعله ، وقد ورد دليل الإذن ، وإن لم ترد صورة الإذن.
وبيانه : هو أن الله خلق الطعوم فى المأكولات ، والذوق فينا ، وعرفنا بالأدلة العقلية أنها نافعة لنا غير مضرة ، مع تمكينه لنا منها بخلق قدرنا عليها. [وهو (٢) دليل] (٢) الإذن منه لنا فى الأكل ؛ وذلك كما لو قدم المالك (٣) الطعام بين يدى إنسان ، وعرفه أنه نافع له غير مضر ، ومكنه منه ؛ فإنه يكون إذنا منه له فى الأكل عرفا.
قلنا : فإذا كان مأذونا فيه من جهة الشرع ؛ فإباحته من جهة الشرع لا من جهة العقل ؛ وهو المطلوب.
وإن كان ممتنعا : ففيه تسليم المطلوب.
وأما القائلون بالوقف : فإن أرادوا به : أنه الحكم على الأفعال بالوجوب ، والحظر ، والإباحة ؛ موقوف على ورود الشرع ؛ فهو المطلوب.
وإن أرادوا به التوقف فى الحكم للتردد بين دليل الوجوب ، والحظر والإباحة ؛ فخطأ ؛ لاستحالة دليل هذه الأحكام قبل ورود الشرع كما تقدم.
__________________
(١) فى ب (لزم).
(٢) فى أ (ودليل).
(٣) فى ب (الملك).