وأمكن أن تكون (١) الغاية ما فى (١) ذلك نفى الخلف عن خبر البارى (٢) ـ تعالى عنهم بالخلود ، أو الجهل عنه. حيث تعلق علمه بذلك.
وأما الفائدة فى خلق الجمادات ، وغيرها [فالعناية] (٣) بنوع الإنسان ؛ لأجل انتظام أحواله فى مهماته وأفعاله ، والاستدلال بما فى طيها من الآيات ، والدلائل الباهرات على وجود واجب الوجود ، ووحدانية المعبود ؛ ليعبد ويعظم ؛ فيستحق على عبادته وتعظيمه الثواب الجزيل ، وبالإعراض عنها وعن النظر فيها العذاب الأليم ، وإليه الإشارة بقوله عليهالسلام حكاية عن الله ـ تعالى ـ : «كنت كنزا لم أعرف فخلقت خلقا لأعرف به» (٤). وقال ـ تعالى ـ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٥). وقد قال عليهالسلام لعائشة رضى الله عنها عند نزول هذه الآية ـ : «قد نزل عليّ اللّيلة آية ويل لمن لاكها بين لحييه ولا يتفكّر فيها» (٦) ثم قرأ هذه الآية وقال ـ تعالى ـ (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (٧). وقال إخبارا عن المؤمنين فى معرض الثناء والمدح لهم : (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) (٨). وقال (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (٩). إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن خلق مثل هذه الأشياء إنما هو لغرض الاستدلال بها عليه ؛ ليعبد ، ويعظم ؛ تحصيلا للثواب الجزيل ؛ كما سبق.
__________________
(١) فى ب (الفائدة فى).
(٢) فى ب (الله).
(٣) فى أ (العناية).
(٤) أخرجه ابن عرامة فى كتابه تنزيه الشريعة ١ / ١٤٨ كتاب التوحيد. الفصل الثالث ـ حديث رقم ٤٤ فقال : حديث كنت كنزا لا يعرف فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق وتعرفت لهم فبى عرفونى.
قال ابن تيمية موضوع.
(٥) سورة آل عمران ٣ / ١٩٠.
(٦) الموجود فى ب.
(قد نزل هذه الليلة عليّ آية ويل لمن لاكها بين لحييه ولم يتفكر فيها).
(٧) سورة ص ٣٨ / ٢٧.
(٨) سورة آل عمران ٣ / ١٩١.
(٩) سورة الطلاق ٦٥ / ١٢.