وكذلك قوله ـ تعالى ـ : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (١). أثبت الطاقة على الصوم ، قبل الشروع فيه.
سلمنا أنه لا قدرة (له) (٢) على الفعل قبل وجود الفعل ؛ ولكن لا يلزم من جواز التكليف بالفعل قبل الفعل ـ مع كونه مقدورا حالة الفعل ـ جواز التكليف بما لا يطاق ، وهو بالمستحيل لذاته ، والمعجوز عنه. وبيان الفرق من ستة أوجه :
الأول : هو أن تكليف القاعد بالقيام لا يعد قبيحا. وتكليف الزمن بالقيام ، والتكليف بالجمع بين الضدين قبيح فى العقل.
الثانى : هو أن القيام ممكن للقاعد ، ومتصور الوجود. بخلاف قيام الزمن ، والجمع بين الضدين.
الثالث : هو أن الزمن : به آفة مانعة من القيام ، وهى الزمانة ، بخلاف غير الزمن.
الرابع : هو أن المأمور بالقيام : إذا لم يكن ممنوعا منه ، بزمانة ، أو غيرها ، وإن لم يكن قادرا على القيام ؛ فهو قادر على ضده ، وهو ما هو متلبس به ، ولا كذلك المعجوز عنه ، والمستحيل لذاته.
الخامس : هو أن الاقتدار على قيام القاعد ملازم لإرادته للقيام فى العادة ، بخلاف المعجوز عنه ، والمستحيل فعله.
السادس : هو (٣) أن التكليف : طلب (٣) ما فيه كلفة ، والطلب يستدعى مطلوبا ، وذلك المطلوب كما يشترط فيه أن يكون معدوما فى الأعيان حالة طلبه ، ضرورة امتناع طلب الحاصل فيشترط فيه أن يكون مقصودا فى الذهن ؛ فإن طلب ما لا تصور له فى الذهن محال.
وهذا الشرط متحقق فى طلب القيام من القاعد ، وهو غير متحقق فى طلب الجمع بين الضدين ؛ لاستحالة تصوره فى الذهن ولو تصور ذهنا ؛ لما امتنع وقوعه عينا ، وكذلك
__________________
(١) سورة البقرة ٢ / ١٨٤.
(٢) ساقط من أ.
(٣) فى ب (هو أن التكليف هو طلب) ، وفى أ (أن التكليف طلب).