وللخصم أن يقول :
لا نسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن أبا لهب لا يؤمن قطعا. وغاية ما ورد فيه قوله ـ تعالى ـ : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) (١) ، وليس فى ذلك ما يدل على الإخبار بمعنى تصديقه للنبى عليه الصلاة والسلام قطعا ؛ فإنه لا يمتنع تعذيب المؤمن عندكم ، وبتقدير امتناع ذلك أمكن أن يكون قوله : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) بتقدير أن لا يؤمن.
وكذلك أيضا قوله ـ تعالى ـ : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) (٢) بتقدير أن لا يهديهم الله ـ تعالى ـ ويبعث دواعيهم إلى الايمان.
ثم وإن سلمنا وجود الإخبار بعدم الإيمان والتصديق فى الآيتين قطعا ؛ ولكن لا نسلم تصور تكليفهم بأن يصدقوه بأن لا يصدقوه ـ وهذا مما اتفق عليه المعتزلة ، ومن قال بامتناع وقوع التكليف بالجمع بين الضدين.
وأما من قال من الثنوية : بامتناع جواز التكليف بخلاف معلوم الله ـ تعالى ـ فمستندهم ليس إلا تقبيح العقل له وقد أبطلناه.
__________________
(١) سورة المسد ١١١ / ٣.
(٢) سورة هود ١١ / ٣٦.