وذلك أن من نفى النعم الدينية ، والدنيوية ، لا ينكر حصول الملاذ فى الدنيا وتحقيق أسباب الهداية ، غير أنه لا يسميها نعما ؛ لما يعقبها من الهلاك ، والنقم.
ومن أثبت كونها نعما لا ينازع فى تعقبها الهلاك لها ، غير أنه سماها نعما لصورها ، ولا حرج فى الاصطلاح اللفظى بعد فهم غور المعنى.
وقد جرت العادة بتعقيب الكلام فى معنى النعمة بتحقيق معنى الحمد ، والشكر ، والتعظيم.
أما الحمد :
فقد قيل هو الشكر. ومنه يقال : الحمد لله شكرا ، فيجعل الشكر مصدر الحمد. وقيل : الحمد هو الرضا. ومنه يقال : الحمد لله حق حمده. أى حق رضاه.
والحق : أن الحمد المطلق أعم من الشكر ؛ فإنه يتناول شكر النعمة ، والثناء على الخصال الحميدة ، والصفات الكمالية. ولهذا يقال : حمدت فلانا على نعمته ، وحمدته (١) على عمله ، وشجاعته (١). والشكر مخصص (٢) بالنعمة.
وأما (٣) التعظيم (٣) :
فإما أن يكون من الخالق لغيره ، أو من المخلوق لغيره.
فإن كان من الخالق لغيره : فقد يطلق ويراد به حمده له بطاعته. وقد يراد به إرادة منفعته.
وإن كان من المخلوق لغيره : فقد يطلق أيضا ويراد به معنى فى النفس زائد على القول ، وعلى العلم بكون المنعم منعما ، وإليه ميل أبى هاشم.
وقد يراد به المدح بالقول ، وما يقوم مقامه من الأفعال : كالقيام له ، وتقديم نعله ، والمشى بين يديه ، ونحوه ، وإليه ميل كثير من المعتزلة.
وقال عباد : هو العلم بحاله ، والمميز بينه وبين المنحط عن رتبته.
__________________
(١) فى ب (وحمدت على علمه وشكره وشجاعته).
(٢) فى ب (مختص).
(٣) فى ب (والتعظيم).