وأما الاحتمال الثالث : فعنه جوابان أيضا :
الأول : منع صحة ذلك لغة ؛ فإنه لا يطلق الطبع ، والختم ، وتغشية الأكنة ، على قطع الألطاف ، وتركها لغة.
الثانى : هو أن الألطاف : إما أن تكون ممكنة ، أو غير ممكنة.
فإن كانت ممكنة ، فعند الخصم يمتنع قطعها ؛ لكونها واجبة على الله تعالى عنده.
وإن لم تكن ممكنة : فلا يكون قطعها مضافا إلى الله ـ تعالى ـ والختم ، والطبع ، وتغشية الأكنة فى النصوص مضاف إلى الرب ـ تعالى ـ والمضاف إلى الله ـ تعالى ـ غير ما ليس بمضاف إليه.
وإن قيل : بإضافة الطبع (١) ، والختم (١) على القلوب ، وتغشيتها بالأكنة إلى الله ـ تعالى ـ من حيث لا يتمكن من خلق لطف بهم يؤمنون عنده ؛ فليس ذلك أولى من إضافته إلى الأنبياء ، وغيرهم ؛ لمساواتهم للرب ـ تعالى ـ فى هذا المعنى.
وأما الاحتمال الرابع : فباطل أيضا ؛ فإن المنع من الإيمان : إما أن يكون بأن لا يخلق الله لهم الإيمان ، أو بأن يخلق ما يمنع من الإيمان.
فإن كان الأول : فالبارى ـ تعالى ـ غير خالق للإيمان عندهم ، وليس إضافة الطبع ، والختم ، وتغشية الأكنة إلى الله ـ تعالى ـ بهذا التفسير ، أولى من إضافته إلى غيره من (٢) المؤمنين ؛ لمشاركتهم لله ـ تعالى ـ فى هذا المعنى.
وإن كان الثانى : فلا يخلو : إما أن يقال بأن الإيمان مأمور به ، أو غير مأمور به.
فإن كان مأمورا به : فالمنع منه قبيح عندهم ، ولأنه يفضى إلى التكليف بما هو ممنوع منه ؛ وهو محال عندهم / أيضا.
وإن كان غير مأمور به (٣) : فهو خلاف إجماع (٤) المسلمين ، قبل ظهور هؤلاء المبتدعة الخارقين لقواعد الدين ؛ وفيه إبطال المذهبين المذكورين.
__________________
(١) فى ب (الختم والطبع).
(٢) ساقط من ب.
(٣) فى ب (فيه).
(٤) فى ب (الإجماع من).