ثم اختلفوا فى هذا الحادث.
فمنهم من قال : هو قوله : (لكِنْ).
ومنهم من قال : هو الإرادة. فخلق الإرادة (١) ، أو القول (١) فى ذاته يستند إلى القدرة القديمة لا أنه حادث بإحداث.
وأما خلق باقى المخلوقات فمستند إلى الإرادة (٢) ، أو القول (٢) على اختلاف مذاهبهم. فالمخلوق القائم بذاته يعبرون عنه بالحادث. والخارج عن ذاته يعبرون عنه بالمحدث.
ومنهم من زاد على ذلك حادثين آخرين : وهما السمع ، والبصر.
وأجمعت الكرامية : على أن ما قام بذاته من الصفات الحادثة ، لا يتجدد له منها اسم ، ولا يعود إليه منها حكم ، حتى أنه لا يقال : إنه قائل بقول ، ولا مريد بإرادة ؛ بل قائل بالقائلية ، ومريد بالمريدية. ولم يجوزوا عليه إطلاق اسم متجدد لم يكن فيما لا يزال ؛ بل قالوا أسماؤه كلها أزلية حتى الرازق ، والخالق ، وإن لم يكن فى الأزل رزق ، ولا خلق.
وأما ما كان من الصفات المتجددة التى لا وجود لها. فما كان منها حالا ؛ فقد اتفق المتكلمون على امتناع اتصاف الرب ـ تعالى ـ بها ؛ غير أبى الحسين البصرى ، فإنه قال :
تتجدد عالميات الله ـ تعالى ـ بتجدد المعلومات. وما كان من النسب ، والإضافات ، والمتعلقات ؛ فمتفق بين أرباب العقول على جواز اتصاف الرب ـ تعالى ـ بها حتى يقال إنه موجود مع العالم ، بعد أن لم يكن ، وأنه خالق للعالم بعد أن لم يكن. وما كان من الأعدام ، والسلوب ، فإن كان سلب أمر يستحيل / تقدير وجوده لله ـ تعالى ـ ؛ فلا يكون متجددا بالإجماع ؛ لكونه ليس بجسم ، ولا جوهر ، ولا عرض ، إلى غير ذلك.
وإن كان سلب أمر لا يستحيل تقدير اتصاف الرب ـ تعالى ـ به : كالنسب ، والإضافات ؛ فغير ممتنع أن يتصف به الرب ـ تعالى ـ بعد أن لم يكن بالاتفاق ؛ فإنه إذا كان الحادث موجودا صح أن يقال : الرب ـ تعالى ـ موجود مع وجوده ، وتنعدم هذه المعية
__________________
(١) فى ب (القول أو الإرادة).
(٢) فى ب (والقول).