وأيضا قوله ـ تعالى ـ : (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) (١).
ووجه الاحتجاج به ، أن منهم من مات حتف أنفه ، ومنهم من قتل ، وقد قررهم البارى ـ تعالى ـ على إخبارهم بلوغ آجالهم ، ولم ينكر عليهم ؛ فدل على أن ما قالوه حق ، ولو كان القتل قاطعا للأجل ؛ لما كانوا صادقين على الإطلاق.
ولا يخفى أن ما ذكرناه من النصوص أصرح وأدل ، على الغرض مما ذكروه ؛ فكان العمل بها أولى.
وعلى ما حققناه من وجوب وقوع المعلوم على ما علمه الله ـ تعالى (٢) ـ يمتنع بتقدير عدم (٢) القتل ، إذا كان الله ـ تعالى (٣) ـ قد (٣) علم انقضاء الأجل فى ذلك الوقت بصفة القتل ، وإلا كان العلم جهلا ؛ وهو على الله ـ تعالى ـ محال.
وعلى هذا فيمتنع التفريع عليه بوجوب الموت ، أو بجوازه (٤) ، وجواز (٤) الحياة. وسواء كان المقدر أجله بالقتل واحدا ، أو أكثر ، وبه اندفاع ما ذكروه من باقى التشكيكات.
ثم يلزم القائل بوجوب الموت بتقدير عدم القتل ، أن يكون الذابح لشاة الغير دون إذنه ، غير متعد ، ولا جان فى فعله ؛ بل محسنا ؛ فإنه لو لا ذبحه لها لماتت ، وفاتت مصلحتها على مالكها.
وكذلك أيضا يلزم امتناع الجزم بقبح ذبحه على أصل القائل بجواز الموت دون الوجوب ؛ لما ذكرناه من وجوب رعاية (٥) المصلحة على أصلهم.
فلئن قالوا : إنما قبح ذبح الشاة دون إذن المالك ؛ لتضرر المالك (٦) بتسلطه على إتلاف ماله دون رضاه ، ولا يمتنع أن يكون ما فيه الصلاح من وجه قبيحا من جهة ما فيه من المفسدة.
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ / ١٢٨.
(٢) فى ب (يمتنع عدم تقدير).
(٣) ساقط من ب.
(٤) فى ب (أو بجواز.)
(٥) فى ب (مراعاة).
(٦) فى ب (المالك عليه).